"
كانت وقفة ناجحة مائة في المائة ، وكانت وقفة ناجحة جدا جدا " ، هكذا عبر عنها
المتتبعون عن قرب ، والذيـن عايشـوا قضيـة النـساخ ، من السادة المحامون والمفوضين
القضائيين وكتاب الضبط وبعض قضاة التوثيق ، والخبراء والموثقين ومحرري العقود ثابتة التاريخ ، بل وحتى من بعض العدول
الغيورين على المهنة .
بالفعل كانت وقفة ممتازة بكل المقاييس ، فبقدر ما كانت فرصة
للتعبير عن خيار الإدماج - كحل نهائي للنساخة - ، كانت كذلك فرصة مثالية للسادة
النساخ للتعرف على بعضهم البعض والتآخي والتآزر فيما بينهم ، إذ سنحت لنا الفرصة للتعرف
على نساخ كل جهة ومنطقة بالمغرب ، وتجاذب أطراف الحديث حول أوضاع المهنة ، وحول
الواقع والتحديات ، وسمحت لنا الفرصة للتحدث مع نخبة من نساخنا الحكماء أتحفونا في
بضع دقائق بأراء وحكم قيمة ، ولمسنا من خلال الوقفة الإندفاع القوي للبعض في غيرة
لا مثيل لها ، ولمسنا الحماس الشديد لجلهم ، وحزم أعضاء الرابطة وحكامة السيد
الرئيس ، وسعة صدر اللجنة المشرفة على الوقفة ، وطرافة بعض المتدخلين لحظة التدخلات
، مر كل هذا في جو من اللحمة والتماسك بين الجميع نسوا معه هموم النساخة والخلافات
الجانبية ، ونسوا العتاب ليتحدوا في إطار نصرة القضية الواحدة للنساخ كافة بدون إستثناء ، وبدون
تمييز بين الفئات العمرية والمستويات الدراسية .
ومن أشد ما أثار إنتباه الجميع هو توافد كهول من النساخ على
الوقفة ، تآكلت أكتافهم وخط الشيب فوديهم وغطى الصلع رؤوسهم ، وتساقطت أسنانهم ، تحمل قسمات وجوههم
مآسي الزمان ، وصراع الحاضر بالماضي ، تدل عيونهم الغائرة على شقاء طويل الأمد بين
ثنايا الأرشيفات المكدسة ، وبين الرسوم المطولة ، والأجرة الهزيلة ، وما أن تفتح
معهم دفة النقاش حتى تندهش بوادي سحيق من الألام الحبيسة والشكاوي الدفينة ، فتسمع
حكاية عن الناسخ الشيخ الذي توفي وخلف وراءه بناته تستجدي الأيدي الرحيمة لسد
رمقهن وتسديد ديون أشهر السومة الكرائية المتأخرة ، وتسمع عن آخر أصيب بالسرطان
وصار النساخ يجمعون له الدراهم القليلة من هنا وهناك عساها تكفل له بعضا من تكاليف
العلاج الباهضة ، وترى بأم عينيك نساخ أكل عليهم الدهر وشرب في النساخة ولم يحققوا من
ورائها دارا ولا سيارة ، وترى نساخ بهندامهم المتواضع يشف عن أوضاع مزرية وحالة لا
يعلمها إلا الله - وما خفي كان أعظم - ، إنهم
كهول شكلوا عمداء ومراجع للمهنة ، وذاكرة وإرث تاريخي للنساخة ، نساخ من قدماء
المحاربين جاؤوا بدورهم يطالبون بالحل الجدري للنساخة ، عبر إصلاح وإدماج يضمن رد
الإعتبار لسنوات شقاءهم وأقدميتهم ، وتعويض الشرف عن مقاساتهم ، نحيي فيهم هذه
الروح ونثمن مثابرتهم وجهودهم في سبيل إنجاح القضية .
هؤلاء الكهول هم من يستحقون
أن توشح صدورهم بأوسمة الشرف ، وتعلو أكتافهم أوسمة البطولة ، يا ليت الكل يفكر
بمثل عقليتهم الفذة ، ويحمل قلبا شجاعا وشابا مثل قلوبهم الرجولية ، ويا ليتنا
بمثل صلابتهم وعنفوانهم وثباتهم على الرأي ، فطوبى لهم وطوبى لمن سار على الدرب .
الناسخ رضوان الركراك
هناك 3 تعليقات:
هل من جديد حول نتائج الاضراب وعن الادماج
الادماج سيتحقق بادن الله ولابد منه ولو كره الخوارج تسالون ولاتحضرون وتستخفون باسم مجهول او غير معرف واعتبر هذا جبن .
لان النضال فطري عند الاحرار ولا يمكن ان يكتسب .ومن هنا احيي كل النساخ الذين حضروا في الوقفة المشهودة وتاكيدهم للادماج فصبر جميل والله المستعان .وتحية نضالية لاخينا عزيز المردي المناضل الغيور الذي يتكبد مشاق السفر من بني ملال الى الناضور من.....الى كل جهات الوطن الحبيب .......لكي يمثل النساخ فانا له ولاعضاء المكتب شاكر
الادماج باذن الله سيتحقق ولابد منه ان شاء الله والاضراب ناجح سواء حضرتم ام لاتحضروا .....................................
إرسال تعليق