نشوب الحرائق

مرت هذه السنة 2012 مثقلة ومحملة بنشوب حرائق كثيرة .. لم تكن تلك الحرائق كناية عن النميمة التي يحاول العديد إيقاذ نيرانها بيننا كما جاء في القولة المغربية الدارجة : باركه من شعيل العافية . وكذلك لم تكن تلك النيران التي ينفثها البعض من أفواههم وألسنتهم النارية السليطة ، ولا نيران الفتنة التي يحاولون دائما إيقاظها لتأكل الأخضر واليابس . وإنما كانت نيران حقيقية نشبت في العديد من غابات ومتاجر ومنازل بلدنا الحبيب السنة الجارية ، فكثيرا ما نسمع في هذه السنة عن أخبار نشوب الحرائق هنا وهناك ، ما أن تشغل التلفاز أو تتصفح الجرائد الوطنية حتى تندهش وتصدم باخبار مفجعة عن حرائق مهولة مجهولة أودت بهكتارات عديدة من غابات ربوع المملكة ، وأخرى أضرمت في محلات ومخازن تجارية وأسواق شعبية ، وأخرى في  مصانع ومقاهي ودور ومنازل وشقق
سكنية ، تطلبت من رجالنا الأوفياء بالوقاية المدنية  الكثير من الوقت والجهد المضني لإخمادها.

كلنا مازلنا نذكر الحرائق الصادمة والمتتابعة التي نشبت بشكل مهول في الشهور القليلة الأخيرة ، ففي جهة طنجة تطوان لوحدها نشب 70 حريق حسب مصادر مطلعة نشرت في جريدة العلم الإلكترونية يوم السبت 22 سبتمبر 2012 ، كان أهمها حريق الغابة الديبلوماسية وحريق الجماعة القروية دار الشاوي بطنجة ( زائد حريق بحمام شعبي ودار سكنية وآخر بصيدلية وثالث بمقهى للشيشة وبمحول كهربائي بالشارع العام...)  وبضواحي تطوان بغابة الكيتان وبعين الحصن وبغابة الحوز وجبل غرغيز وبغابة القلاليين وبدوار العنصر ...

وفي مدينة فاس نشب حريق بمحل للأفرشة ببنسودة وآخر بمرآب للسيارات والدراجات ، وب 40 محل بباب الفتوح وبفيلا الوزير السابق محمد عبو بوسط المدينة ، وشهدت مكناس الشهر الفارط نشوب حريق مهول بمصنع للمواد الغذائية وآخر بمقهى وسط المدينة .

وفي بحث بسيط قمت به على محرك google بعنوان "حرائق في المغرب هذه السنة" جاءتني النتائج صادمة ، حيث وجدث الكثير والكثير من الحرائق ، لكل مدينة نصيبها من تلك الحرائق أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر : حريق الجديدة بمركز تجاري وبحي المنار وآخر بمحل تجاري بنهج المغرب العربي ، وفي القصر الكبير حريق بغابة دليم الغميق وبسوق الفجر وبأحد المحلات التجارية بوسط المدينة . وفي مريرت بإقليم خنيفرة حريق 28 ماي 2012 أتى على محلات تجارية كما في السوق القديم بورزازات الذي أتى على 60 محل . وبالرباط حريق دوار الكورة وحريق المدينة القديمة . وأهم حرائق الدار البيضاء كان حريق مخزن الحطب ومستودع الملابس وحريق المدينة القديمة ، أما ببني ملال كان حريق 150 دكان بالسوق الأسبوعي وحريق غابة لبلان ، وكذلك حريق 40 محل بسوق الشطيبة بسطات وآخر بخريبكة أضرم في حافلتين ضخمتين . وبالرشيدية حريق ضخم خلف المستودع البلدي  وحريق مدرسة بكلميمة ، وفي الناظور حريق حي اعوادا براقة وحريق قرية أركمان ...إلخ .

لا يهمنا من هذه الحرائق كنساخ سوى الحرائق التي شبت بمحاكمنا الإبتدائية ، كالذي ضرب إبتدائية تطوان 3 غشت 2012 نتيجة تماس كهربائي بأرشيف المحكمة أحرقت معه ملفات أباطرة المخدرات ، وحريق آخر سبقه بالمحكمة الإبتدائية بخريبكة 13/01/2011 بمكتب وكيل الملك ونائبه ، لم تذر نيرانه وثيقة واحدة من الملفات المفتوحة والشائكة خصوصا  الخلاف الذي كان بين كتاب الضبط وهيئة المحامون ، مما يطرح معه عدة تساؤلات عن أسباب تلك الحرائق ، وعن مضرموها ومفتعلوها وعن خلفياتها وأسرارها ، ويجعلنا بالتالي نضع ايدينا على قلوبنا هلعا من حادثة مماثلة قد تضرب – لا قدر الله – أرشيف السادة النساخ ، خصوصا مع غياب وسائل مكافحة الحريق بأرشيفاتنا ، وفي ظل غياب المراقبة الدورية لأنابيب إطفاء الحريق ، وإنعدام الخبرة بكيفية إستعمالها .

تخيلوا معي إخواني النساخ لو شب حريق في أرشيف النساخ  من سيحاسب ؟ الناسخ القديم أم الجديد ؟ الناسخ أو العدل أو الموظف أو المواطن ؟ وكم من تحقيق سيفتح معك أخي الفاضل بعد أن تجلس أمام المحققين - ترتعد فرائصك - وهم يسألونك ويستفسرونك عن كل نسخة إستخرجتها طوال حياتك المهنية ، ويلمحون لك بأنك مرتكب الفعل الشنيع ، ويشكون في أمرك وفي أمر إستخراجك للنسخة الفلانية وتضمينك للرسم الفلاني ، فربما تكون نسخة أو تضمينة مزورة تحاول إخفاء معالمها ؟ ؟ ومن أين سيقتات النساخ بعد الفاجعة ، وبماذا سيُسيّرون حياتهم اليومية بعدها ؟ والأهم من كل ما ذكر ماذا لو كان الفاعل فعلا واحد منا يطبق علينا المثل القائل : علي وعلى أعدائي ، أو يطبق المثل الدارج : تحريم اللعب ...؟ فعلى من ستقع الملومة حينها يا ترى ؟

اللهم لطفك يارب ، نسألك الستر والعفو والعافية ، ونسألك بأسمائك الحسنى وبإسمك الأعظم الذي إذا دعيت به لا ترد خائبا يا ذا الجلال والإكرام أن ترزقنا الأمن والسلامة ، وأن تخرجنا من بين أيدي الظالمين سالمين يا رحمان يا رحيم يا مجيب الدعوات يا علي يا قدير .

الناسخ رضوان الركراك