الحرب الباردة هي ذلك الصراع – الذي لم يصل لحد إستعمال السلاح – بين المعسكر الشرقي بزعامة الاتحاد السوفياتي سابقا والمعسكر الغربي بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية . وظهر هذا الصراع بعد نهاية الحرب العالمية الثانية نظرا لعدة أسباب أهمها الإختلاف الاديولوجي بين الشيوعية والرأسمالية ، وتصادم مصالح المعسكرين في كثير من القضايا ، وظهور التسابق نحو التسلح وتطوره ، وإستمرار الصراع الطبقي بين بقية دول العالم ، ثم التسابق على عقد التحالفات خارج المعسكر ، وتطلع العملاقين للسيطرة على الآخر والهيمنة على العالم.
تجلت هذه الحرب الباردة في عقد الأحلاف العسكرية مثل حلف الشمال الأطلسي (حلف الناتو) وحلف جنوب شرق آسيا (حلف بغداد وحلف وارسو) ، وفي المساعدات الإقتصادية والعسكرية لعدة دول خصوصا المتضررة من الحرب ، كان يقدمها المعسكر الشرقي لتشجيع المد الشيوعي ، عكس المعسكر الغربي الذي كان لا يتوانى عن تقديم ضعف هذه المساعدات لمحاربة هذا المد .
كما تجلت في الدعاية الاعلامية وما رافقها من تسخير لسلاح الجوسسة وإثارة الحروب الإقليمية والانقلابات العسكرية ، وإنتهاج سياسة المشاريع (كمشروع مارشال) وسياسة ملء الفراغ ، وسياسة الإحتواء وسياسة توازن الرعب ، وسياسة التكتل وسياسة القطبية الثنائية . وإنتهت الحرب الباردة عمليا بسقوط حدار برلين 1989 ورسميا بإنعقاد مؤتمر باريس 1990والإعلان الرسمي عن نهاية هذه الحرب 1991 التي دامت أكثر من نصف قرن تطورت على حسابها دول أخرى كالصين واليابان ، وخلفت لنا مبدأ التعايش السلمي بين الكتلتين الذي لا زال مستمرا لحد الآن . هذا المبدأ الذي نعيش (نحن كنساخ) وفق مقتضياته بحكم الإحتكاك اليومي بين المهنتين (مهنة النساخة وخطة العدالة) لكون كلتاهما تكمل الآخرى وكلتاهما تفتقر للأخرى ، وقد تتشابه الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي مع الحرب الباردة بين النساخ وبعض العدول في نقاط عديدة ، إلا مع إختلاف بسيط وهو أن الحرب الأولى قد إنتهت بعقد مؤتمر باريس ، أما الحرب الباردة عند النساخ فلا زالت مستمرة تتأجج بين الفينة والأخرى عندما تجد من يشعل فتيلها وينشب حريقها من طرف البعض .
فإذا كانت الحرب الباردة قد إنتهت بين الدول المذكورة فإنها على ما يبدو لازالت مستمرة في بعض مكاتبنا فتارة نجدها تشتعل بمكتب النساخ بالناظور وتارة في مكتب النساخ بفاس وتارة بشفشاون .. ناهيك عن مناوشات إقليمية في العديد من الأقاليم بين بعض العدول والسادة النساخ – مما لا يستسيغه الكثير من عقلاء الجانبين - لأتفه الأسباب التي غفل عنها المشرع ولم يفصل فيها فترك فصولها مبهمة تحتمل التأويل يتضارب عليها الطرفان ، كمشكل الصفحتين ومشكل تفريخ النظائر ، ومشكل نسخة العدل ، ومشكل التوقيعات ومشكل التماطل في الأداء ، ومشكل الثلثين ومشكل الدمغة المزعومة ، إلى أن تم إختراع كناش التداول المذموم من طرف هيئة العدول الذين يحاولون عبثا فرضه على السادة النساخ (والطريف في الأمر ان الأغلبية الساحقة من العدول ترفض بتاتا هذا الكناش الغاشم) والذي يعد بحق تعدي سافر على إختصاصات الناسخ وتدخل في أسرار العدول . فهل سنحتكم للقانون الداخلي للعدول أم للقوانين المنظمة للمهنتين ؟ وهل سندع الأهواء والقرارات الفردية للبعض تشعل نار عشواء بين المهنتين ، أم نسمع لآراء الجميع ونرجح الأغلبية ؟ فيا ريت لو تنتهي الحرب الباردة بيننا بقمة مهنية ، أو بمؤتمر مشترك بين قيادي التمثيليتين لوضع حد لهذا الصراع المشؤوم .
الناسخ رضوان الركراك
هناك تعليق واحد:
الفتنة نائمة لعن الله من أيقضها
إرسال تعليق