الاثنين، 18 يونيو 2012

عند الإمتحان يعز المرء أو يهان

عرفت السنة الجارية أكبر نسبة من حالات الغش في الإمتحانات بلغت الذروة في الدورة الأخيرة ، وبرزت إلى الساحة إبتكارات جديدة ومبدعة في عالم الغش والتغشيش خصوصا مع التطور العلمي والتكنولوجي والمعلوماتي ، فما أن تشغل التلفاز(هذه الأيام) ساعة الأخبار حتى تفاجئ بالإحصائيات ذاث الأرقام الخيالية .. وبتعدد وكثرة الحالات المضبوطة ، وما أن تطالع الجرائد الوطنية حتى تخرسك مقالات الغش المتلبسة بمختلف المدارس المغربية...صحيح أنه في أيامنا كانت هناك حالات للغش لكنها كانت محدودة جدا ولا يقدم عليها إلا الوقح الجريء (مسخوط الوالدين) وعندما يضبط أحدهم متلبسا يتجمهر الناس في إستغراب للإطلاع على الخبر اليقين وترى الفاعل مصفر الوجه يتدارى من الكل من سوء فعلته ويحس بكبر وعظمة جرمه، ويعاتبه الجميع
على فعله الشنيع وتعديه على حقوق الغير من المكافحين المثابرين..على عكس الحاصل في يومنا الحاضر من المباهاة والإفتخار بالتفنن في إبتداع أحدث الطرق للغش ونيل الشواهد على حساب الغير.
وككل يصادف أنني نزلت في الأسبوع الماضي إلى محل للفطوكوبي بوسط المدينة لتصوير بعض الأوراق الشخصية فهالني الإزدحام الشديد على بوابة المحل من فتيان وفتيات في مقتبل عمر الزهور وفي أبهى حلة يضحكون ويتغامزون ويقومون بتصوير أوراق صغيرة جدا وبكميات ضخمة يقتسمونها فيما بينهم ويطوونها بطريقة إحترافية عجيبة تنم عن الخبرة الطويلة في هذا المجال ، وبالكاد وصل دوري في التصوير فصورت وريقاتي وأستفسرت أحد العاملين بالمحل بصوت منخفت عن سر هذا الزحف وهذه الضجة فأجابني بكل عفوية أن هذه فترة الإمتحانات وهؤلاء يعدون لها العدة من طرق الغش بتصغير الدروس الملخصة وطيها في كعب الحذاء أو الخمار أو الحزام...وتساءلت في قرار نفسي لما لا يراجعون دروسهم عوض هذا الجهد المضني في البحث والإبتكار عن أحدث وأنجع طرق الغش؟ ولما لا يراجعون دروسهم في الوقت الذي يضيعونه على التلخيص والتصغير؟ ولما لا يراجعون دروسهم في الوقت الذي يبذرونه على تصفيف الشعر وحلق غير المرغوب فيه وتقليم الأظافر وقضاء الوقت في اللهو والمجون ؟
خرجت ورأسي يدور ألف دورة من الحال البئيس الذي وصلنا إليه ومن حال ورثة المغرب الذين سيكون منهم الأستاذ والطبيب والمهندس والإداري والمحامي والمفوض والعدل والناسخ و...هل ستكتب لهم الشواهد العالية ؟ وهل ستكتب لهم الوظيفة ؟ وهل سينجحون بنفس الطريقة ؟ ويجندون فيها نفس الرصيد المعرفي المتراكم طوال سنوات الدراسة المغشوشة ؟ بل والأدهى من ذلك هل إستخدم بعضهم نفس الطريقة في مباريات التوظيف للمهن القضائية الحرة ؟..وكيف يا ترى سنتعامل معهم ؟. حتى أنني بدأت أشك فيمن أعرفهم من المعينين الجدد في المهن القضائية الحرة وانظر إليهم بريبة وشك وإستغراب ، وأحاول معرفة الجواب من قسمات وجههم وثنايا جسمهم وتصرفات أفعالهم ، وأمحص في كلامهم حينما يشرقون تارة ويغربون تارة أخرى ، لعلني أعرف الخبر الذي دفنوه مع تعيينهم وصار في خبر كان .



الناسخ رضوان الركراك

ليست هناك تعليقات: