السبت، 11 يوليو 2009

ذ/ عزيز المردي


بسم الله الرحمن الرحيم
تقويم منهجي ومهني لتصريحات رئيس هيئة العدول
بجريدة العدالة والتنمية عدد192بتاريخ26/05/2009

عزيز المردي
النائب الأول لرئيس الرابطة الوطنية للنساخ القضائيين بالمغرب
ناسخ قضائي بابتدائية بني ملال مركز تاكزيرت
إن إدماج ناسخ في خطة العدالة(كعدل وليس ككاتب) بالنسبة لي أريح ماديا ،وتحسين الوضعية المادية تطلع طبيعي للجميع।
إن تقويمنا لتصريحات رئيس الهيئة مبني على أرضية قانونية ومهنية وأخلاقية بحتة .
هذا من جهة ومن جهة أخرى، فإذا كان تحسين الوضع المادي تطلعا طبيعيا وإنسانيا، فبالنسبة لكثيرين لا يشرف تحسينه مع عقلية "ما أريكم إلا ما أرى" .ومع النفسية "السيكوباتية" الضاربة الجذور في تعفنات الإقطاع التي تتلذذ بتحويل الناس إلى أجراء وخدم في إقطاعيات شيدوها لأنفسهم.
وأعود فأقول أنه من خلال القراءة الأولية لتصريحات رئيس الهيئة الوطنية للعدول في الاستجواب المنشور بجريدة العدالة والتنمية العدد عدد192بتاريخ26/05/2009 ، نسجل الملاحظات التالية:
1- غياب المعيار المهني:
فمهنة النساخة الذي يدعو اليوم إلى اجتثاتها كانت بالأمس القريب(2005) "محمدة" يمنون علينا(عدول) أن أخرجوها إلى حيز الوجود!! وأن ممثلا لهم شارك فعلا في لجنة الإشراف على المبارة الخاصة بالنساخ!
والسؤال: هل هناك دواعي مهنية ورؤية استراتيجية للجهات المختصة في إحداث مهنة مستقلة وحرة ،أم أن الأمر مرتبط بأمزجة متقلبة في مختبر تجارب يشرف عليه عدول وقوم يهيؤون أنفسهم لممارسة خطة العدالة في مرحلة ما بعد التقاعد؟؟؟؟
والحقيقة أن هناك من الدواعي الموضوعية إلى إحداث المهنة ما يدعو اليوم لتعزيزها، أهمها أن الرسوم التوثيقية تستدعي حمايتها وضمان استمرارها كما تم تلقيتها وتحريرها إسنادها إلى غير منشئها. وإن اختلالات سجلت في هذا الشأن لم يفك لغز بعضها إلا موت أصحابها وبعضها لا زال قائما. وإن المجال هنا ليس مناسبا لطرحها.
وإن حجم المتابعات والأحكام الصادرة،.والاكتشاف المتتالي لمجموعات من شبكات التزوير التي تحدثت عنها وسائل الإعلام ، والتي سهلت الاستيلاء على ملك الغير لتصب في هذا المنحى.
وإن الفوضوية والارتباك وعدم الانضباط هي سمة التي طبعت فترة ما قبل الولادة القانونية لمهنة النساخة والتضمين .
هذه السمة لا زال السيد عبد السلام البوريني يشتكي منها نفسه داخل هيئته: فقطاره كما صرح في الاستجواب لا زال لم يوضع على سكته رغم المحاولات منذ 29/06/2007.وبإقراره فالعدل متمرد غير منضبط فهو " يمتنع من أداء واجبات الاشتراك"ويستقوي بأجهزة الوزارة للإنقاذ، بسن مزيد من " آليات الضبط والزجر"؟
2- غياب المحدد التاريخي في الرؤية:
أي فقدان الذاكرة التاريخية وعدم الاستفادة من تراكم التجربة، مما أفرز ضبابية في الرؤية وبدأنا نلحظ عودا على بدء .
وكما أشرنا فالواقع المرير للتوثيق ومحنته فيما سبق هو الذي أحيا مهنة النساخة الضاربة الجذور في شعاب الزمن تمتد إلى عهد الوراقين وكتبة الوحي.
فسجلات التضمين كانت تختفي عن البعض لمدة أطول ، وقد لا يتسلمها إلا بمقابل .
وأما محنة المواطن للحصول على نسخ الرسوم فتحتاج إلى وقفات. ثم إن الأرشيف الخاص بالرسوم التوثيقية عانى من سوء التداول والتعاطي والتدبير .
لقد أثبت التجربة أن تضمين العدول وإمساك سجلاته مفسدة راجحة استدعت تدخل المشرع لإحياء مهنة النساخة وتقنينها فصدر قانون النساخة رقم49,00 وما لحقه من مراسيم وقرارات.
3 - تضخم النزعة الفئوية والنرجسية الذاتية على حساب الروح المهنية :
يقول السيد البوريني " واعتبارا أن العدول ما زالوا بشكلون عمدة القضاء الشرعي "ثم يدعو إلى "إدماج التوثيق العصري بالتوثيق العدلي " و إلى "دمج مهنة النساخة والنساخ الحاليين في خطة العدالة واعتبار النساخ عاملين تحت إمرة العدول الذين يؤدون لهم أجرتهم كاملة " فكيف تكون العمودية في جهاز القضاء لمن ينشأ وثيقة سماعا تحتاج في الغالب إلى من يسبر كنهها فتقوى حجيتها حكما وليسا وضعا ،ويحتاج كثير ، منها إلى ملاذ وكالة المحافظة على الأملاك العقارية ؟
ثم إن السيد البوريني لا يتقن إلا لغة الدمج والإلحاق، وليس في قاموسه مصطلحا لتفعيل الحوار مع شركاء المجال التوثيقي ، والعمل على ايجاد آليات التدبير المشترك .وتقليص مساحات التنازع والتضارب وفق ما يحافظ على الهوية الحضارية للأمة والمقاصد والأهداف العليا للتوثيق حفظا على مصالح المواطنين..
إن الموثقين والنساخ القضائيين مكونان أساسيان لهما إطاريهما القانوني.وإن أي محاولة لنزع فتيل التنازع بين اختصاصين يستدعي الحوار الجاد على أساس رؤية مهنية واستراتيجية توثيقية واضحة تثمن الايجابيات و تعطل السلبيات بعيدا عن النزعة الفئوية.ومنطق الأجراء لا الشركاء.
ومن حقنا أن نساءل السيد البوريني : هل برئت ذمة عدول من التبعات المالية "للنساخ الطوعيين " على قلتهم لفترة ما قبل القانون المنظم للنساخة 49;OO ؟ وهل حرصت جهات على استخلاص أولئك الشيوخ الذي أفنوا زهرة عمرهم في التضمين بأبخس الأثمان و أسوإ الظروف لمستحقاتهم المالية حرصها اليوم على إبراء ذمة النساخ من مستحقات مالية للعدول، رغم أن مقتضيات قانونية واضحة تؤطر المسألة ولا مشكلة ؟؟؟؟ !!!
وللإشارة فأجرة التضمين تؤدى من قبل المواطن للناسخ عبر وساطة العدل،كما ينص القانون ، ونحن نطالب أن يتم أخذ الأجرة مباشرة .بمجرد تحرير الشهادة تسلم لصاحبها ليستكمل الناسخ بعدها إجراء التضمين والمخاطبة عليها، درءا للوساطة و السمسرة والابتزاز الذي قد ينتهجه البعض
4 - التماهي في تمطيط حدود الهيئة لتصبح مؤسسات الوزارة آلية تنفيذية لها:
فرغم أن قانون خطة العدالة16;03حديث النشأة (شاركت الهيئة في إنجازه)، وعلى إثره أسست الهيئة وسهرت أجهزة قضائية على انتخاب مكاتبها، وزيد في التعريفة الخاصة بالعدول، وأصدرت مديرية الشؤون المدنية مذكرات متتالية تحث وبكل تأكيد السادة رؤساء المحاكم والقضاة على الحث على اقتناء العدول للدمغات التي ستعود على الهيئة وأهلها بالنفع مع ضرورة الإخبار بالمآل ، وأخرى تحث على احترام القانون الداخلي للهيئة ..... . حيث نسجل أن السادة الرؤساء والقضاة أقحموا في جباية مستحقات مالية خاصة بهيئة على منخرطيها بهذه المذكرات !! (منها كتاب 174/2007 وكتاب1312/2007)
علما أن الرابطة الوطنية للنساخ القضائيين تطالب بتفعيل مقتضيات قانونية فقط وملفها المطلبي على الرف منذ مدة ولا من يجيب.
ورغم ذلك كله فالسيد عبد السلام البوريني يصر أنه لم يجد" آذانا صاغية، سواء على مستوى المؤسسات الحكومية الرسمية بما في ذلك الوزارة الوصية أو على مستوى السادة الرؤساء الأولين لمحاكم الاستئناف أو الوكلاء العامين بها أو على مستوى السادة قضاة قضاء الأسرة والتوثيق.فلا أحد مد لنا يد المساعدة....."
ويرى أن قانون 16;03"ورد مشلولا فارغا من محتواه ،فهو يفتقر إلى أبسط آليات التطبيق فالعدل مثلا يمتنع عن أداء واجبات الاشتراك ..." ويضيف عن القانون "عاريا من أبسط آليا ت الضبط والزجر التي تحفز على تطبيق ما فيه ، والهيئة حديثة النشأة تحتاج إلى أبسط المقومات لبناء مؤسساتها "!! جريدة العدالة والتنمية عدد عدد192بتاريخ26/05/2009 .
عجيب !! هيئة لها من الكوادر البشرية الكثير ولها من الإمكانيات المالية العديد؛فلك أن تحسب فقط دمغة 10;00دراهم عن كل رسم للرسوم المنجزة في اليوم وطنيا لتدرك حجم السيولة (وخمسة وخميس على كل حاسد) ناهيك عن الانخراط والانتقال وولوج المهنة.، وليس لها من أبسط المقومات ما تبني به مؤسساتها. و إن تعجب فعجب استنجاد رئيسها بمؤسسات الدولة لتقوية مؤسساته وتحصيل ماليته وضبط منخرطيه والقضاء على مخالفيه!!!!!
وبالإطلاع على قانون خطة العدالة 16;03يتبين أن المواد القانونية موزعة على الشكل التالي :
مواد ولوج المهنة: من المادة01 إلى11
ومواد الحقوق: المادة 12 (تقاضي الأجرة) المادة16 (تعليق لوحة) المادة 18 (الحق في التغيب) المادة19 الفقرة1 (نقل المقر) المادة 20(الاستقالة) !!!!!!!!
واجبات وشروطا للتلقي والتحرير من المادة19الفقرة الثانية 38)
التأديب ومسطرته: :من المادة39إلى51
المقتضيات التنظيمية للهيئة: من المادة 52إلى 84
ولا زال سيادة الرئيس يشكو من كون القانون "عاريا من أبسط آليات الضبط والزجر التي تحفز على تطبيق ما فيه" أضف على هذه الترسانة من الواجبات والقيود والزجر والتأديب "كتاب النظام الداخلي الوطني" وكتيب "النظام الداخلي الجهوي" لكل جهة، الماضين في أغلب موادهم في نفس المنحى من الشروط والقيود والزجر .فهل يحتاج التكبيل إلى مزيد من التكبيل؟؟؟
القانون16;03 يفتقر إلى حقوق حقيقية (انظر الحقوق المشار إليها أعلاه) يجب أن يتمتع بها العدل وليس إلى آليات الضبط والزجر فلقد سقوا منها حتى الثمالة.
وفي الختام : نحن لا نعارض أن تكون للهيئة مطالبها المشروعة،ولكن نعارض تجاوز الحدود ، وغياب الموضوعية والمهنية والأخلاقية ، وبخس الناس اشياءهم..
والله تعالى يقول "ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا " صدق الله العظيم
عزيز المردي
النائب الأول لرئيس الرابطة الوطنية للنساخ القضائيين بالمغرب
ناسخ قضائي بابتدائية بني ملال مركز تاكزيرت

ليست هناك تعليقات: