الثلاثاء، 2 أبريل 2013

قراءة إحصائية وقانونية لقضايا الطلاق


بسم الله الرحمن الرحيم
بقلم ذ: عزيز المردي
رئيس الرابطة الوطنية للنساخ القضائيين
عضو الهيئة الوطنية للحوار حول إصلاح منظومة العدالة
عناصر الموضوع:
1.   ملاحظات منهجية
2.   قراءة رقمية وإحصائية واستنتاجات
3.   المواد المرجعية للطلاق بمدونة الأسرة
4.   خطاطة تفسيرية لتلك المواد
5.   خلاصات ومحصلات
      نود في هذه المساهمة التحليلية الإرتكاز على معطيات إحصائية بتقرير لوزارة العدل والحريات حول نشاط أقسام قضاء الأسرة خلال سنة 2011 الصادر بشتنبر 2012 والمقتضيات القانونية بمدونة الأسرة بعد تطبيق دام أكثر من ثمان سنوات، واعتبرتها جميع الأطراف بمختلف التلوينات رغم الحشد الإعلامي، والإنزالي في المظاهرات ما بين الرباط والدار البيضاء إنجازا مهما وتاريخيا. وقبل الخوض في الموضوع لا بد وأن نسجل الملاحظات التالية:
ü   إن المشرع وهو يعد مدونة الأسرة، يستحضر حالات التجاذب والاستقطاب الحاد والاستقواء بالحشود الجماهيرية و الإعلامية والاستقواء بمؤسسات دولية، وعليه كانت الخلفية التشريعية تنبني على إمساك العصا من وضع يضمن التوازن بين عدة أطراف، أي ضمان نوع من التوافق غير المباشر. وبهذا يتم إضعاف المنطلقات الأساسية للتشريع والتقنين: المقصد المعتبر، المصلحة الراجحة، الحق والصواب إنصافا وعدلا... وهنا أستحضر مقولة أحدهم: إني لا أعرف طريق النجاح، ولكن أعرف سبيل الفشل وهو محاولة إرضاء الجميع".
ü   إن الأسرة بما تمثله من مركزية صلبة لتنشئة النوع الإنساني وضمان استمراريته في أحسن الظروف النفسية والسلوكية وأجودها، إنجابا وتربية ورعاية. وإن التنئشة خارج وعائها لا تنتج إلا إنسانا يفتقد إلى أدنى مستويات الطمأنينة النفسية، والتفاعل الايجابي من المحيط ومع المحيط. إن هذا وغيره ليدفعنا أن ننأى بالأسرة عن التقاليد المميتة التي يرتكز البعض في ضمان دوامها واستمرارها على إضفاء مسحة "دينية" عليها. فعوض أن ينقل للناس تعاليم الإسلام ينقل إليهم عادات وتقاليد "عبس وذبيان" بتوليف "ديني". كما ينبغي أن ننأى بها عن منطق البعض المتمثل في النسخ الآلي للآخر ومحاولة الإستقواء بمؤسساته الدولية ومنتوجها القانوني في جانب من جوانبه، والذي لم يستنبت وفق معادلاتنا الإجتماعية والقيمية مما أفرز اختلالات تعمق الأزمة.
ü   إن الأسرة المغربية (رجلا وامرأة، أصولا وفروعا ) ضحية إتجاهين اثنين أيضا: اتجاه التطرف للجنس ويتكون من طرف ذكوري صَوَّرَ هَواجِسَهُ بدقة من يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور "وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم، يتوارى من القوم من سوء ما بشر به، أيمسكه على هون أم يدسه في التراب" الآية.
وطرف نسواني (وليس نسائي) يتغذى من المظلومية الواقعة ويدفع في اتجاه الغلبة والصراع لا التوازن والإنصاف ويؤسس لمنطق المواجهة عوض المعالجة والتقريب والتسديد. والغريب أن هناك(رجالا ونساء) من يتصرف بمنطق ذكوري مع زوجات الأبناء(الكنة) وبنسوانية كبيرة مع الصهر وأسرته انتصارا للبنات؟
والاتجاه الثاني الاتجاه الاختزالي لكينونة الإنسان في الجانب الشبقي اللذاتي الاستمتاعي  الغرائزي، فيكون فاكهة الموائد وحديث المجالس متجسدا في شقين: في من "يأتون الرجال شهوة من دون النساء"، من مغتصبي الأطفال، وفي صنف امرأة العزيز التي تراود فتاها عن نفسه وصويحباتها قديما وحديثا قالت :"لئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونا من الصاغرين" ."وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبا". واليوم تشيء المرأة وتختزل في تضاريس الجسد باسم الحرية الشخصية، وآليات الموضة فأصبحت "مادة" وصيدا سهلا في متناول شبكات الدعارة والبورنوغرافية، وازدياد مضطرد لحالات التحرش الجنسي والاغتصاب حتى تعالت صيحات الجمعيات المنددة، وصار من بناتنا أمهات عازبات !! يتجرعن مرارة لحظة ضعف تحت وابل من الإغراءات المزيفة والخداع الكبير.
ü إن الأسرة في شرعنا وديننا المحضن الطبيعي والأنجع لتلبية "الحقوق الطبيعية " وإشباعها دون مركب نقص أو شعور بالخطيئة، مع إنشاء وظائف اجتماعية موازية تؤسس لحقوق و واجبات ولشبكة من العلاقات( أبوة، بنوة، خؤولة، عمومة) انسجاما مع الدور الاستخلافي والتعميري المنوط بالإنسان. ولذلك لا بد من ضبط التوازن بين الرغبات الشخصية والوظائف الإجتماعية، وضمان سلامة وتماسك هذا المحضن تشريعا وتقنينا. 
ü     مما سبق ومن أجل وضع أفضل للأسرة(الزوج والزوجة وأصولهما وفروعهما وأقاربهما) نؤكد على أننا في حاجة ماسة إلى تعاليم الإسلام خالصة صافية، وإلى خلاصات التجارب الإنسانية من مشارق الأرض ومغاربها مفصولة عن الخلفيات الايديولوجية الإستقوائية الاستعبادية التي تهدف إلى تقويض عوامل النهوض للامة وتفتيت مقومات ذلك. وليس إلى متطرف يفترش العادات ويتوسد المقدس ولا إلى مستلب الوجدان والفكر يفصل من أثواب الآخرين ما ليس على قده. ونحتاج إلى أن تكون المصلحة الراجحة، والمقصد المعتبر و الحق والصواب عدلا وإنصافا مرتكزات الإنطلاق، لا إلى توافقات وهمية ومغشوشة. ونحتاج إلى اتجاه إنساني منطلقه التوسط والإعتدال همه خدمة إنسانية الإنسان(رجل وامرأة) لا ذكورية ولا نسوانية.
ü     إن مقتضيات قانونية تصبح أداة للتأزيم وإفراز تمظهرات جديدة للمشكل عوض أن تكون مطية تحقيق مقاصد التقنين وحماية الحقوق والحريات. فسماع الدعوى الزوجية لم ينهي مشكل الزواج العرفي رغم الحملات، بل جعلت له تمظهرات جديدة، فهي ملجأ القاصر والباحث عن التعدد رغم المنع... مع استمرار طابعه التقليدي.
 والسلطة التقديرية للقاضي في تزويج القاصر لم تؤمن المسلك في الاتجاه الأسلم، و الطلاق انسحبت أنواع كثيرة منه لفائدة الطلاق للشقاق لكون المعالجة للمتعدد من الأنواع المؤسسة على المسؤولية في حل ميثاق الزوجية لأحد الأطراف ودرجة آثار ذلك الحل، أحادية المسطرة... ولما يقدم من إغراءات. فعوض أن يؤمن حقوقا أصبح عند البعض استثمارا، فمثلا طلقتين أوثلاث تستوفي مبلغ عقد عمل بالخارج أيام أوج "الهجرة " فصار عندنا الزواج الأبيض والطلاق الأبيض. أو توفير مورد مالي خاصة بالمتعدد من الأبناء الصغار مع التحرر من قيود الزوجية وواجباتها، مما دفع بعض الأزواج بالإختفاء نهائيا فاحتل الطلاق للغيبة المرتبة الثانية بعد الشقاق.
  ولمزيد من الايضاح نقف على المعطيات الرقمية الإحصائية لظاهرة الطلاق لسنة 2011 تأسيسا لأرضية علمية في التشخيص. رغم أنها ظاهرة معقدة باعتبارها إنسانية وواعية تتجاوز الحصر الرقمي وتتبدل تمظهراتها باستمرار.
قراءة رقمية إحصائية    
عدد عقود
الزواج وثبوت الزوجية
سنة 2011
الملفات الرائجة
في قضايا الطلاق
سنة 2011
النسبة المائوية
لقضايا
الطلاق
364367
95183
26,12%

المحكوم
المخلف منها
نسبة المخلف
60857
34326
36.06%

مع تسجيل مخلف لسنة 2010 في حدود: 28936  
توزيع الملفات حسب أنواع التطليق
النوع
للشقاق
إخلال بشرط
لعدم الإنفاق
للغيبة
للعيب
للايلاء والهجر
 العدد
91478
707
663
2208
96
31
النسبة المئوية
96,11%
0.74%
0,70
2,32
0,10
0,03



توزيع نسب الاحكام (60857حكم) حسب نوع قضايا التطليق :
الاشهاد بالصلح
التطليق
عدم الاستجابة للطلب
16,18%
54,46%
29,25%
   
استنتاجات من خلال المعطيات الإحصائية يتبين :
·       تزايد الظاهرة بنسبة 7,36%مقارنة بسنة 2010
·       نسبة الطلاق من عقود الزواج وسماع الدعوية الزوجية 26,12% أي أكثر من ربع الزيجات تعاني توتر وأزمة في تدبير الحياة الزوجية، وما ينتج عن ذلك من توسع الاختلال في العلاقات الاجتماعية.
·       نسبة المخلف: 36,06% وهذا يعني ضعف الإمكانات البشرية المرصودة لأقسام قضاء الأسرة وبالتالي التأثير السلبي على وتيرة البث فيتم تجاوز المدد المحددة، وإضعاف جودة الأحكام. ثم إطالة معاناة الإنتظارية للزوج والزوجة والأبناء.
·       عدم الإستجابة للطلب: 29,25% ورفض الطلب يكون لأسباب شكلية، ولا يعني عودة العلاقة الزوجية إلى طبيعتها أو أن الوضع المأزوم للأسرة قد حجم لأدنى مستوى له، بل قد تجدد الدعوى، أو ينصرف كل واحد إلى حال سبيله لدى الفئات المجتمعية التي تعاني الهشاشة، مما يعقد المشكل ويشعب آثاره.
·        احتلال التطليق للشقاق  المرتبة الأولى بنسبة عالية متبوعا بالتطليق للغيبة
·       تراجع في أنواع من التطليق كالإخلال بشروط الزواج ، لعدم الإنفاق .....
·       تزايد في نوع الايلاء والهجر لكن يبقى محدودا 15 ملفا سنة 2010 ارتفع إلى 31 ملفا
قراءة في المواد المرجعية للطلاق والتطليق في مدونة الأسرة:
  مواد مدونة الأسرة المؤطرة للظاهرة من المادة 78 إلى المادة 127 بالإضافة إلى المواد 168ـ 189ـ 190: 
تعريفات الطلاق حسب المدونة من المادة 122 إلى 128
البائن: كل طلاق قضت به المحكمة إلا التطليق للإلاء وعدم الإنفاق.
الرجعي: كل طلاق أوقعه الزوج إلا المكمل للثلاث و طلاق قبل البناء والطلاق بالاتفاق والخلع والمملك.
الطلاق الخلعي: تمتيع الزوجة بالطلاق ببدل أو مقابل(المواد 117 إلى 120).
طلاق التمليك: أن يملك الزوج زوجته حق ايقاع التطليق.
   وإلى جانب هذه المواد هناك مواد مسطرية خاصة بإجراءات الدعوى والصلح ورفض طلب الطلاق للسكران الطافح والغضبان إذا كان مطبقا كما لا يقع بالحلف باليمين أو الحرام. والطلاق المرتبط بعدد لفظا أو إشارة أو كتابة لا يقع إلا واحدا. ولا يقع إذا علق على فعل شيء أو تركه.


مواد مفصلية في الطلاق أو التطليق:
المادة83: إذا تعذر الإصلاح حددت المحكمة مبلغا يودعه الزوج بكتابة الضبط داخل أجل أقصاه ثلاثون يوما لأداء مستحقات الزوجة والأطفال الملزم بالإنفاق عليهم المنصوص عليهما في المادتين 84 و85
المادة 86: إذا لم يودع الزوج المبلغ المنصوص عليه في المادة 83 أعلاه داخل الأجل المحدد له، اعتبر متراجعا عن رغبته في الطلاق،ويتم الاشهاد على ذلك من طرف المحكمة.
المادة84: المحددة لمستحقات الزوجة:المؤخر من الصداق إن وجد، نفقة العدة والمتعة يراعى فيها فترة الزواج والوضعية المالية للزوج، وأسباب الطلاق و مدى تعسف الزوج في توقيعه، وتكاليف السكن إذا تعذر سكن الزوجة في بيت الزوجية أثناء العدة.
المادة85: تحدد مستحقات الأطفال الملزم بنفقتهم طبقا للمادتين 168 و190 مع مراعاة الوضعية المعيشية والتعليمية التي كانوا عليها قبل الطلاق .
المادة 168: تعتبر سكنى المحضون مستقلة في تقديرها عن النفقة و أجرة الحضانة وغيرها. يجب على الأب أن يهيء لأولاده محل سكناهم وأن يؤدي المبلغ التقديري للكراء مع إمكانية الإقتطاع ذلك من الريع أو الأجر الذي يتقاضاه حسب المادة 191 لا يفرغ المحضون من بيت الزوجية إلا بعد تنفيذ الأب للحكم الخاص بالسكنى.
المادة189: تشمل النفقة الغذاء والكسوة والعلاج، وما يعتبر من الضروريات والتعليم للأولاد مع مراعاة التوسط وحال مستحقيها ومستوى الأسعار والأعراف والعادات السائدة في الوسط التي تفرض فيه النفقة...
190: تعتمد المحكمة في تقدير النفقة على تصريحات الطرفين وحججهما مراعية الماد85 و189.
التطليق للشقاق :
الشقاق هو كل خلاف عميق ومستمر بين الزوجين يتعذر معه استمرار العلاقة الزوجية بحيث يصبح دوام العشرة الزوجية بينهما غير ممكن.
مواد التطليق للشقاق من المادة94إلى97فبعد إجراءات الصلح وبعد الفشل تأتي المادة 97 لتقرر الحكم بالتطليق حسب المواد 83و84 و85.
طلاق التمليك:
المادة 89: إذا ملك الزوج زوجته حق إيقاع الطلاق، كان لها أن تستعمل هذا الحق عن طريق تقديم طلب إلى المحكمة طبقا لأحكام المادتين 79 و80 أعلاه. تتأكد المحكمة من توفر شروط التمليك المتفق عليها بين الزوجين، وتحاول الإصلاح بينهما طبقا لأحكام المادتين 81 و82 أعلاه.
إذا تعذر الإصلاح، تأذن المحكمة للزوجة بالإشهاد على الطلاق، وتبت في مستحقات الزوجة والأطفال عند الاقتضاء، تطبيقا لأحكام المادتين 84 و85 أعلاه.
لا يمكن للزوج أن يعزل زوجته من ممارسة حقها في التمليك الذي ملكها إياه.
التطليق لأسباب أخرى:
المادة 98: للزوجة طلب التطليق بناء على احد الأسباب الآتية:إخلال الزوج بأحد شروط العقد ـ الضرر ـ عدم الإنفاق ـ الغيبة ـ العيب ـ الايلاء والهجر.
الطلاق للضرر:
 المادة 99: يعتبر كل إخلال بشرط في عقد الزواج ضررا مبررا لطلب التطليق.
يعتبر ضررا مبررا لطلب التطليق، كل تصرف من الزوج أو سلوك مشين أو مخل بالأخلاق الحميدة يلحق بالزوجة إساءة مادية أو معنوية تجعلها غير قادرة على الاستمرار في العلاقة الزوجية.
المادة 100: تثبت وقائع الضرر بكل وسائل الإثبات بما فيها شهادة الشهود، الذين تستمع إليهم المحكمة في غرفة المشورة.
إذا لم تثبت الزوجة الضرر، وأصرت على طلب التطليق، يمكنها اللجوء إلى مسطرة الشقاق.
المادة 101: في حالة الحكم بالتطليق للضرر، للمحكمة أن تحدد في نفس الحكم مبلغ التعويض المستحق عن الضرر.
 المادة 113: يبث في دعاوى التطليق المؤسسة على أحد الأسباب المنصوص عليها في المادة 98 أعلاه، بعد القيام بمحاولة الإصلاح، باستثناء حالة الغيبة ، وفي أجل ستة أشهر ما لم توجد ظروف خاصة.
تبت المحكمة أيضا عندالإقتضاء في مستحقات الزوجة والأطفال المحددة في المادتين 84و 85 أعلاه.
الطلاق الخلعي:
المادة 117: تسترجع الزوجة ما خلعت به إذا ثبت أن خلعها نتيجة إكراه أو إضرار الزوج بها وينفذ الطلاق في جميع الأحوال
المادة 118: كل ما صح الإلتزام به شرعا صلح أن يكون بدلا في الخلع دون تعسف ولا مغالات.
المادة 119: لا يجوز الخلع بشيء تعلق بحق الأطفال أو بنفقتهم إذا كانت الأم معسرة. إذا أعسرت الأم المختلعة بنفقة أطفالها،وجبت النفقة على أبيهم دون مساس بحقه في الرجوع عليها .
المادة 120: عند الاتفاق على مبدإ الخلع والاختلاف في المقابل للمحكمة الحكم بنفاذ الخلع بعد تعذر الصلح وتقدير مقابله مع مراعاة مبلغ الصداق وفترة الزواج وأسباب الطلب و الحالة المادية للزوجة.
إذا أصرت الزوجة على طلب الخلع ،ولم يستجب لها الزوج يمكنها اللجوء إلى مسطرة الشقاق.
خطاطة تفسيرية للمواد السالفة:

بعض الاستنتاجات والمحصلات :
 من خلال المواد السالفة يتبين سبب الاستقطاب لمسطرة الطلاق للشقاق96,11%، "فكل الطرق تؤدي إلى روما" وتبقى التصنيفات الأخرى غير ذات جدوى . تختلف الآثار والطرف المسؤول عن حل ميثاق الزوجية لكن التبعات تبقى على طرف واحد،لأن مسطرة الطلاق أوالتطليق مسطرة واحدة (للشقاق) حتى أن الفقرة الثانية بالمادة 120 في الطلاق الخلعي تلغي فقرته الأولى عمليا،وتضمن التخلص الانسيابي من المواد 117 إلى 119 بمنهجية فتح احتمال الاختلاف حول بدل الخلع. ثم تأسيس فقرة تلغي الكل ليصبح الخلع شقاقا بناء على ذلك الاحتمال، فتسقط الطائرة في حديقة المادة 84 و85 و168و190،بل إن إلحاق الضرر ثابت من الزوج حكما وغير متوقع من الزوجة ولو احتمالا حسب المادة 99.والأغرب أنه "إذا لم تثبت الزوجة الضرر، وأصرت على طلب التطليق، يمكنها اللجوء إلى مسطرة الشقاق."
والسؤال:لماذا لا تؤسس مسطرة الطلاق الخلعي منطلقها الفقرة الأولى للمادة 120 مع تفصيلات بناء على دليل المخالفة لبعض مقتضيات المواد 84و85 و168 و190 لتحميل المصر غير المثبت للضرر تبعات تصرفه.وما مسطرة إذا ما أثبت الزوج الضرر وأصر على جمع شمل أسرته وأصرت هي على الطلاق؟ أليس من العدل أن ننظر للطرفين من زاوية واحدة سواسية أمام القانون؟؟
كما أن المادة 113 تفرغ كل التصنيفات الستة الواردة في المادة 98 من التحديدات والتدقيقات الواردة في المواد التفصيلية من المادة 99إلى المادة112 لتصبها في قالب المادة 84 و85 وبالتالي 168و 190. رغم تباين التمظهرات والأسباب لتلك التصنيفات!!
إن من المواد القانونية ما يتجه وجهة حل ميثاق الزوجية أكثر من تثبيتها والعجيب أن يكون الإصرار الانطباعي لا المؤسس على الحجج والقرائن وإثبات الضرر مناطا للحكم والأعجب أن يصدر الإصرار من طرف الزوجة فنسلك مسطرة الشقاق "إذا لم تثبت الزوجة الضرر، وأصرت على طلب التطليق، يمكنها اللجوء إلى مسطرة الشقاق(المادة 100)" وكذا "إذا أصرت الزوجة على طلب الخلع ،ولم يستجب لها الزوج يمكنها اللجوء إلى مسطرة الشقاق.(المادة120)  فيحكم لها لإصرارها لا لضرر لحق بها ويتحمل الزوج تبعات ذلك. أما حينما يصدر الاصرار من الزوج كما في الفقرة الرابعة من المادة 45(مدونة الأسرة): "فإذا تمسك الزوج بطلب الإذن بالتعدد ولم توافق الزوجة المراد التزوج عليها ولم تطلب التطليق طبقت المحكمة تلقائيا مسطرة الشقاق المنصوص عليها في المواد 94 إلى 97"  في قضية تمثل أقل من 1% ويتحمل الزوج التبعات. ويحكم بناء على موقف وتحشر في مسطرة و حكم لم تطلبه بكل تلقائية.  
·    وهنا نتساءل على أي أساس نستند في تشريعنا وتقنيننا ؟؟ أين وجه المصالح والمفاسد خاصة بالنسبة للأولاد ؟؟ أين قيمة الأسرة ومركزيتها ؟؟ هل نتجه لتعزيز كيان الميثاق الغليظ أم إلى حله و الإغراء بفكه؟؟ هل وجود فئة ظالمة مستبدة في حق الزوجات يبرر إنشاء مظالم ومفاسد أكبر؟؟ الكثيرات يطلبن ضمان كف الظلم والإعتداء لا فك الإرتباط  فلماذا نضعهن في مرحلة حرق السفن ؟؟
·    الطلاق في الشرع منفذ إضطراري في مسار الحياة وليس طريقا سيارا، يجب توسيع مساره و تمديد شبكته يوما بعد يوم.
·                  إن نسبة الطلاق من مجموع عقود الزواج ونسبة تزايد الظاهرة ونسبة المخلف و نسبة رفض الطلبات ونسبة غيرالمنفذ من الأحكام لمؤشرات تدعو إلى إعادة النظر في مجموعة من القضايا بجد وحزم. أما إذا أضفنا إليها نسب العنوسة والعزوف عن الزواج والأمهات العازبات والتحرش، وتنامي الجريمة، ونسب ضحايا حوادث السير، والبطالة، فإننا أمام خطر محدق يهدد أركان المجتمع ، يحتاج إلى إرادة صلبة من وطنيين مخلصين لتجنيب البلاد الدمار
·    إن حصر معالجة الظاهرة في المقاربة القانونية رؤية محدودة وقاصرة،بل لا بد من العمل بأبعاد أخرى عقدية ،تربوية ،أخلاقية وإقتصادية.

حرر بتاريخ 16 جمادى الأولى 1434
موافق 28ـ 03 ـ 2013