من أجل هدف غير معلن يعلمه الله، كان الاهتداء إلى أن الوسيلة
في سبيل تحقيق ذلك هي الدعوة إلى تجديد مكتب الرابطة الوطنية بطريقة مخالفة
للقانون، أو تأسيس جمعية جديدة تدعي أنها تتكلم باسم كل النساخ لكن بشرط أن لاينخرط
فيها إلا من استغفل منهم.
تحرك انطلق بإرسال استدعاءات قليلة جدا توضح نية التفريق
والتشتيت، وصاحبتها اتصالات هاتفية ونشرات تطعن في أشخاص المكتب التنفيذي للرابطة
وفي مجهوداتهم وتضحياتهم التطوعية.
فثارت البلبلة والشكوك والتساؤلات بين النساخ والناسخات
القضائيين في اندهاش وحيرة، واختلط الأمر على بعضهم، خاصة بعد الإعلان الذي ذكَّرَت
من خلاله الرابطة الوطنية للنساخ القضائيين أن الولاية الحالية ستنتهي قانونا يوم
24 أبريل 2013.
مهلا، مهلا، تعالوا جميعا نتدارس الأمر بهدوء ولنتسائل
كلنا ونحلل معا دون أنانية زائدة ولااتهامات مجانية؛
واسمحوا لي أن أفتتح الجلسة بالأسئلة التالية:
-من أرسل هذه الاستدعاءات؟ وإلى من أرسلت بالضبط؟
-ماهو مضمونها الظاهر والخفي؟ وماهو الهدف القريب
والبعيد؟
-كيف كان يمكن أن تكون هذه الخطوات إيجابية؟
-ماهي المفاسد التي ستترتب على هذا التحرك؟
إن الذين أطلقوا هذه الزوبعة هم أشخاص لايتجاوز عددهم عدد
أصابع اليد الواحدة، وهم ممن دعوا إلى عدم المشاركة في إضراب رد الاعتبار أيام 14،
15و 16 ماي 2012 ففاتهم شرف المطالبة بالمشاركة في الحوار الوطني الذي طالب به
91,66% من النساخ والناسخات.
وبعد التحريات التي قامت بها اللجنة المكلفة بالإعلام
والتواصل مشكورة تبين أن حتى أولائك الذين لم يشاركوا في ذلك الإضراب ضد هذه
البلبلة المتهورة، وبلغة الأرقام أن حوالي 90% منهم ترفض، وأن فقط 10% من نسبة 8,44 %
من النساخ هم الذين يؤييدون، بمعنى أن مؤيدوا هذه الفكرة هم فقط
0,84 % من مجموع النساخ
والناسخات.
وقد قاموا باختيار الأشخاص الذين أرسلوا لهم الاستدعاءات
بطريقة اعتقدوا معها أنهم سوف يجرون ورائهم من يعينهم على الفتنة، حيث كان التركيز
على بعض القدامى وليس كلهم، وخاصة منهم الذين لايتوفرون على أي شهادة علمية.
وكما هو معلوم فإن مشروع إصلاح العدالة مشروعا وطنيا
لايهم النساخ لوحدهم، وليست وزارة العدل وحدها المعنية به، لذا كان علينا أن نشارك
جميعا من أجل إنجاحه ونعبر جميعا عما يخدم وطننا دون التفريط في حق أي واحد منا.
وعليه فإني أخشى أن ينعت هؤلاء يوما بصفات غير لائقة
خصوصا وأن مسألة الإبقاء على المهنة بشكلها الحالي دون مبررات معقولة هو ضرب من
العبث.
لكن، من فضلكم دعونا في هذا المجلس من مناقشة الأشخاص لأن
هذه سمة ضعاف الحجة، ودعونا نناقش الأفكار بكل ثريت وعقلانية، كي نضع نقطة نهاية
من البداية لخطأ ارتكب خلال هذه الزوبعة المفتعلة حيث بنيت على الطعن في فلان
وعلان.
ولننطلق من الآخر ونفترض أن هدف هذا التحرك منطقي، فقد
قيل أن الهدف هو الدفاع عن النساخ القدامى، وقيل الهدف هو الإبقاء على مهنة
النساخة على حالها لأنها شريفة وتستحق أن تضل كذلك، وقيل، وقيل.
وهذا يوضح جليا أن الهدف ضبابي جدا ولايمكن أن ينساق وراء
هذه الزوبعة إلا مغفل، فعلى فرض أن الهدف هو الدفاع عن القدامى، فلماذا يتم عزلهم
بهذه الطريقة؟ ألا يحق لأبنائهم النساخ والناسخات أن يكون لهم شرف الوقوف إلى
جنبهم من أجل إنصاف الجميع؟ ألا يحق لأولئك الكهول الذين ناضلوا من أجل تقنين مهنة
النساخة أن يساهموا في تطويرها بشكل يساير التطور المتسارع بدل أن يقال لهم مرة
أخرى وبصوت عال انقرضوا؟ ومن قال أن الرابطة تفرط في أحد من النساخ أو الناسخات
مهما كان سنهم ومستواهم، ماداموا يحملون صفة ناسخ؟ وهل اطلع هؤلاء على مقترحات
الرابطة؟ وهل اطلعوا على مقترحات الوزارة؟ وهل اطلعوا على مستنتجات الهيئة العليا
للحوار الوطني؟ وهل قوة الصوت في التفرقة أم في الكتلة؟ وهل؟ وهل؟
وقد قيل أيضا أن هناك مبررا آخر لتحرك هؤلاء مفاده أن
هناك تخوف من أن يصير نساخ جدد حاملي الشهادات افضل حال بعد الإدماج من النساخ
القدامى الذين ليست لهم شواهد.
إنه حقا مبرر غريب جدا، وسأضرب مثلا على ذلك بركاب سفينة
مهترئة أكل الدهر عليها وشرب، أضلاعها متلاشية كراسيها متلاشية، تتحرك بالتجديف
اليدوي، وفي أحسن الأحوال بشراع ممزق مرقع من كثرة الخرق الملصقة به لسد ثقبه،
وبعد عدة حلول وإصلاحات وبعد توقفات وتوقفات جاء خيار تغيير السفينة وان
ثم من الناحية التقنية والفنية والزمنية؛ هل صاحب هذا
المقترح أعد برنامجا من أجل تحقيق (الهدف) أم أنه نام وحلم ثم أصبح مع طلوع الشمس
ينشر الرسائل؟
في اعتقادي المتواضع إذا كان هناك من هدف من الأهداف التي
سمعت بها فإن لاالوقت ولاالطريقة ولا الأسلوب ولاالتقنية مناسبة، وباختصار أنا
معكم ومستعد أن أدعمكم بكل ما أوتيت من قوة لكن بشرط أعطونا برنامجا واضحا مدروسا
وهدفا لاغبار عليه دون الطعن المجاني في الأشخاص.
إن هذه الخطوة إذا رآها البعض تحمل ذرة فائدة، فإنها تحمل
معها كتلا من المفاسد، هذه المفاسد سوف لن تؤجل إصلاح مهنة النساخة وتغييرها لأن
رياح التغيير قادمة قادمة وستكون شاملة لكل منظومة العدالة، ولكنها مفاسد ستمس فقط
حقوق النساخ المتشردمين أخيرا والذين كانوا قد أعطوا العبرة في الانضباط والتضحية والوحدة
في ضل التنوع.
ولكم واسع النظر وشكرا للجميع.
توقيع: العربي أبوأيوب
ناسخ قضائي بمحكمة الجديدة
elarbi02@gmail.com
0671.794.658