لا شك أن الأغلبية الساحقة من السادة النساخ تنتظر الإدماج في
الوظيفة العمومية (والأحرى بكتابة الضبط) على أحر من الجمر ، ولا شك أن الأغلبية
متتبعة للمشهد النضالي النقابي وما تتداوله يوميا الصحف والمجلات ، إلا أن الأكيد
أن هناك الكثير ممن يجهلون ماهية كتابة الضبط (التي سيصبح يوما السادة النساخ جزءا
لا يتجزء من كيانها) ويجهلون تنظيمها القانوني وكذلك تمثيلياتها النقابية ، ومن
باب المعرفة بالشيء إرتأينا تخصيص هذه المقالة المتواضعة عن كتابة الضبط (عسانا أن
نوفق في تعريفها وأن نوفيها حقها) ، وسنسلط الضوء من خلالها على القوانين المنظمة
لهيئة كتابة الضبط ، وعلى دورها الفعال داخل الجسم القضائي بمختلف المحاكم التابعة
لوزارة العدل والحريات ، ونختمها بفقرة مقتضبة عن التمثيليات النقابية لكتابة
الضبط وما حققته من إنجازات راكمتها عبر سنوات من النضال .
لا يستطيع أحد أن ينكر الدور الحيوي الذي تضطلع به كتابة
الضبط داخل المحكمة ، جعل منها المساعد القضائي الأول ، حيث أصبح الإعتراف بمثل
هذه الحقيقة واقع يفرض نفسه على كل متعامل مع هذه المؤسسة ، إن تحقيق العدالة
وتسهيل مهمة القضاء لا يتأتى دون تدخل جهاز كتابة الضبط ، فالقاضي وحده لا يستطيع
أن يقوم بجميع الأعمال التي يتطلبها السير في الدعوى والتحقيق فيها ، وتنفيذ
الأحكام الصادرة بشأنها ، فبين يديها يولد الملف وينتهي ، ولديها يفتح ويغلق
بتنفيذ ، إن كتابة الضبط هي من تسهر على تسجيل الدعاوي المرفوعة إلى المحكمة ، وهي
من توجه إستدعاءات الحضور ، وهي من تقوم باجراءات التبليغات المتطلبة ، وتصنيف
ملفات الدعوى وحفض الوثائق ، وفتح ملفات الزواج والطلاق والنزاعات العقارية ومختلف
الخصامات.. إلى غير ذلك من الأعمال الجليلة التي تقوم بها خدمة لمحاكم المملكة بصفة
عامة وللمواطنين على وجه الخـصوص .
وعلى ضوء التنظيم القضائي المغربي نجد أن القانون الساري على
هيئة كتابة الضبط هو مرسوم 2.08.71 الصادر في 05 رجب 1429 موافق 09 يوليوز 2008
بشأن النظام الأساسي الخاص بموظفي هيئة كتابة الضبط ، فجاء في مادته الأولى :
" تُحدث هيئة لكتابة الضبط بوزارة العدل تعمل في حدود الإختصاصات المخولة لها
قانونا وتنفذ ما تأمر به المحكمة من إجراءات مسطرية وتكون في وضعية عادية للقيام
بالوظيفة بمختلف محاكم المملكة وبالمصالح المركزية واللامركزية بوزارة العدل ،
وتشتمل هذه الهيئة على الأطر التالية : 1) إطار كتاب الضبط 2) إطار المحررين
القضائيين 3) إطار المنتدبين القضائيين . ويظل إطار المعاونين وإطار أعوان المكتب
الموضوعين في طريق الإنقراض طبقا لمقتضيات المرسوم رقم 1368.05.2 الصادر في 29 من
شوال 1426 موافق 02 ديسمبر 2005 المشار إليه أعلاه خاضعين لمقتضيات المرسوم الملكي
رقم 1181.66 بتاريخ 22 شوال 1386 موافق 02 فبراير 1967 بشأن النظام الخاص بموظفي
محاكم المملكة ، حسبما وقع تغييره وتتميمه ، وتحدد طرق ترقيتهم في الدرجة طبقا
للمواد 44 و45 و46 من هذا المرسوم . وتحدد عند الإقتضاء المهام الموكولة لإطار
المعاونين وإطار أعوان المكتب بقرار لوزير العدل ، ويخضع الموظفون المنتمون لهيئة
كتابة الضبط للسلطة الحكومية المكلفة بالعدل وهي التي تقوم بتدبير شؤونهم وفقا
للمقتضيات التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل " .
باستقراء المرسوم السالف الذكر نجده يضم 49 مادة مقسمة إلى
خمسة أبواب : المادة الأولى منه (وهي الباب الأول بخصوص المقتضيات العامة) ومن المادة
الثانية إلى المادة 11 (الفرع الأول إطار كتاب الضبط) والمادة 12 إلى المادة 21 (الفرع
الثاني إطار المحررين القضائيين) والمادة 22 إلى المادة 30 (الفرع الثالث إطار
المنتدبين القضائيين) ومن المادة 31 إلى المادة 36 (الباب الثاني بخصوص المقتضيات
المشتركة) والمادة 37 (الباب الثالث نظام التعويضات) ومن المادة 38 إلى المادة 46
(الباب الرابع مقتضيات إنتقالية) ومن المادة 47 إلى 49 (الباب الخامس مقتضيات
مختلفة) ، ونجد أنه تم معالجة وتحديد بدقة شمولية لكافة المقتضيات القانونية
المنظمة لهيئة كتابة الضبط بدءًا بشروط الولوج إلى المهنة المحددة بمراسيم تنظيمية
خاصة ومرورا بالترقية والتدرج الاداري والانتقال من رتبة لرتبة ومن رقم استدلالي لآخر
وإنتهاء بالإعانات والتعويضات الخاصة بالهيئة . بحيث خصص المرسوم 49 مادة تتحدث عن
كل إطار على حدة ، من المباراة والإختصاصات والمهام الموكولة لكل واحد منهم إلى شروط
ترقيتهم والتعويضات الواجبة لهم...حيث نجد كذلك أن لكل إطار من كتابة الضبط درجاته
ولكل درجة رتبة ولكل رتبة رقم إستدلالي ، ولكل منهم راتب مختلف عن الآخر حسب إطاره
وحسب درجته وحسب رتبته وحسب رقمه الإستدلالي (حسب الشواهد الدراسية المخولة وحسب
النجاح في المباريات الخارجية والداخلية) . وللمزيد من التفاصيل حول المرسوم المرجو مراجعة الجريدة الرسمية عدد 5646 الصادرة يوم الخميس 10 يوليوز 2008 (انقر هنا).
ودون أن نخوض في التحليلات السياسية للمشهد النضالي للفعاليات
النقابية الممثلة لكتابة الضبط سنحاول فقط ذكر التمثيليات المهمة في القطاع وذكر
بعض أهم الإنجازات ، بحيث نجد النقابة الديموقراطية للعدل المنتمية للذراع النقابي
لحزب الإتحاد الإشتراكي ، والجامعة الوطنية لقطاع العدل المنضوية تحت لواء الإتحاد
الوطني للشغل بالمغرب ، وثالثا النقابة الوطنية للعدل التابعة للكونفدرالية
الديموقراطية للشغل . والملاحظ أن كتابة الضبط قد حققت منجزات مهمة في مشوارها
النضالي لا سيما في عهد الإتحادي الراحل محمد بوزبع وخلفه عبد الواحد الراضي
والمرحوم محمد طيب الناصري خصوصا ما بين 2008 و2011 إذ شهدت زيادة مهمة في الأجور
وإرتفاعا في حصص الترقية ، وعرفت تنظيم مباريات داخلية لإدماج حاملي الشهادات من
الموظفين في الرتب التي تخولها لهم شواهدهم ، علاوة على تسهيلات في الإنتقال
والإلتحاق بالأزواج ، وتراخيص الدراسة والإستيداع والإلحاق والرخص السنوية
والطبية...وتحسين نظام التقاعد والتغطية الصحية ، والإستفادة من المؤسسة المحمدية لموظفي العدل
، إضافة لعدة إمتيازات أخرى .. وجاء هذا بعد سلسلة من الإضرابات والنضالات والصمود
تحت القيادة المسؤولة لجميع التمثيليات المذكورة كل حسب إمكاناته وموقعه .
وبما أن السادة النساخ يطمحون للإدماج في سلك كتابة الضبط وهو
المطلب الذي تبناه السيد وزير العدل والحريات شخصيا ، كان لزاما علينا الإلمام
بقانون كتابة الضبط وهيأتهم وتمثيلياتهم النقابية لرفع كل لبس وغموض ولولوج تلكم
الوظيفة العمومية عن جدارة واستحقاق ، والله المستعان .
الناسخ رضوان الركراك