الخميس، 20 سبتمبر 2012

البيزوطاج


بعيدا عن أشغال الحوار الوطني وبعيدا عن نضال المكتب التنفيذي وكفاح الرابطة ، نعود مجددا لربط الإتصال بمقالاتنا التصويرية عن الواقع المعاش للسيد الناسخ المطحون ، الذي يكافح وسط الأمواج المتلاطمة ليعود لمسكنه النائي كل مساء بلقمة يسد بها رمق عياله الجائعة .

قليل منا من يعرف البيزوطاج وكثير منا من يجهل هذا المصطلح الدخيل الغريب ، البيزوطاج ممارسة قديمة كان يلجأ إليها الجنود في الجيوش العسكرية ، وبعدها إنتقلت إلى الجامعات ومعاهد البعثات الأجنبية كطقوس تواكب البدايات الأولى لأي منتسب جديد ، وإنتقلت
هذه العادات المستحدثة إلى باقي الشعوب بحكم الحماية والإستعمار لتفرض وجودها على العقليات المقلدة . وتتجلى هذه الظاهرة في خلق متاعب ومكائد ومقالب لكل عضو جديد ، وإجباره على الإتيان بأعمال وفق أهواء من سبقوه من المنتسبين القدامى ، ليكسروا بها شوكته ويجعلوه يتأقلم بسرعة مع الظروف الجديدة المحيطة به ، ولينفض عنه كذلك غبار الدهشة ويكسر الحاجز الذي بينه وبينهم ، وليبقى أولا دائم الإحترام للقدامى ويبقى دائما كله آذان صاغية ، وحتى يكون منصاعا للأوامر ثانيا .

من منا إخواني النساخ لم تمر عليه حالة من حالات البيزوطاج ومن منا لم يمارس في حقه أشنع الأفعال القمعية ، لا يقتصر الأمر على الجيل الثاني أو الثالث وإنما يخص الأمر كل الأجيال التي مرت بمهنة النساخة شرفها الله ، عودوا معي بذاكرتكم قليلا إلى الوراء وتذكروا معي اللحظات الأولى والأيام الأولى من ولوجكم للمهنة (وكما يقول المثل لكل داخل دهشة) فلعلكم كنتم محط إستهزاء وسخرية ومركزا للإلهاء والتنكيت وقضاء وقت الفراغ ، ولعلهم كانوا يقدمونكم لمن لا يعرفكم بإزدراء ودونية ، ويتخذون منكم خدما لهم يقضون بكم مآربهم الآنية الجشعة والطماعة ، ويبخلون عليكم بأي معلومات وأسرار مهنية لئلا تنافسوهم في مواردهم المالية ، وأكيد أنكم أبتيليتم بأول كناش : "التركات" وبكل الرسوم المطولة والمعقدة ، وحرمتم بالمقابل من الرسوم القصيرة والسلسة بدعوى أنكم مازلتم تتدربون (ولولا الفطنة السريعة للنساخ لإستمروا في تلك التداريب إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها)، أو لعلكم أبتليتم برسوم من يتماطل في الأداء ويتملص من أجرة الناسخ ويبخسكم حقكم وعرقكم ، وحرمتم في المقابل من رسوم من يؤدي الأجرة في الإبان وبزيادة .

وطبعا بحكم جهلكم أول الأمر بخبايا المهنة فإنه تم توريطكم في نسخ أو بحوث لا يد ولا أرجل لها ، وأكيد تم توريطكم بها مع أخبث خلق الله بعد أن تملص منهم الآخرون بطريقة أو بأخرى . لا شك أنكم لاحظتم أنهم يأخذون ما غلى ثمنه وخف وزنه ويتركون لكم ما علا وثقل وزنه وقل ثمنه ، ولا تصلكم إلا الموؤدة والمتردية وما عفا السبع بعد أن يغربلوا ما لذ وطاب من الرسوم والنسخ والبحوث ، ويرمون لكم بالبحوث في كنانيش العصور الغابرة ويأخذوا بحوث نسخ الأمس القريب ، ويجعلونكم عرضة للريح بالجلوس على قارعة الطريق أو قرب نافذة أو باب أو جدار نتن ، أو تحت القطرة أو سقف معرض للسقوط في أي لحظة أو قرب مستودع أو مرحاض ، ويحلون لأنفسهم الجلوس في مواقع إستراتيجية وذاث تهوية جيدة ومزايا حسنة .

وسبحان الله ربما أقحمتم في أعمال مجانية جنى من ورائها آخرون أموالا طائلة ، وربما مر عليكم اليوم واليومان بلا درهم ولا دينار وترى بأم عينيك من يصول ويجول ويدخل في جيوبه الأربعة الأوراق النقذية المكمشة ، وترى من يصطاد بإسمك فرائسه القصية ويرمي لك بفتات الحمام الزاجل ، ناهيك عن إختلاق المشاكل لكم ونصب الشراك لك إن بدت عليك الفطنة ، وهذا لا يعفي النساخ الجدد الذين يدخلون متكتلين ومحاربين وفطنين يضربون بعرض الحائط القوانين والأعراف ، يقف معهم الناسخ القديم حائرا مكتوف الأيدي تدور عيونه في محجريهما ومقلتيهما ، فيمارسون عليه الأعمال القمعية بشتى الأصناف والألوان . أليست كلها ممارسات البيزوطاج المبتدعة التي تربي الحقد الدفين وتخلق الرغبة في الإنتقام ، أم أنه لا محبة إلا بعد عداوة ؟

الأمر الذي فطنت له الدول الغربية وجرمته ونصت على عقوبات زجرية ردعية لممارسيه ، فنجد البيزوطاج في فرنسا جرمته من خلال قانون 17 يونيو 98 الذي يعاقب بستة أشهر نافذة وغرامة 7500 يورو لكل من أرغم شخصا على القيام بأفعال مهينة أو تحط من كرامته كإنسان...لكن للأسف مازالت هذه الممارسات مستفحلة بيننا وإنتشرت إلى ميادين عديدة ومجالات واسعة صعبت أمر الحد منها.

الناسخ رضوان الركراك

هناك 9 تعليقات:

رضوان الركراك يقول...

ملحوظة : المقالة اعلاه لا تخص شخصا محددا ، ولا نقصد من ورائها الإساءة لأحد بعينه ، وإنما جاءت محض خروج عن النمطية المجردة ، وأتت من باب إضفاء الروح المرحة على الموقع وإكسابه بعضا من الديناميكية والحركية وبعضا من التشويق والإعجاب .

غير معرف يقول...

اظنك اخي لم توفق هذه المرة في اختيار هذا الموضوع بل قد تحدث تفرقة بين النساخ القدامى ةالجدد سامحك الله

غير معرف يقول...

شكرا اخي رضوان ما قلت إلا الحقيقة والواقع فكل ناسخ مر من هذه الحالة. ناسخ بولمن الغزالي

العربي أبوأيوب يقول...

من الظلم أن نعمم مثل هذه الاحكام، لكن من الكذب والبهتان والزور والنفاق أن نقول أنها غير موجودة، وأتذكر أن بعضهم رفض إعطاء المرشحين للنساخة معلومات عن المهنة ورفض إعطائهم القانون المنظم مع العلم أن الوزارة حددت مسبقا عدد الذين سيلجون المهنة وهو العدد نفسه الذي اختارته بعد المباراة. كما أن بعض النساخ بمجرد مايسمعون بطلب انتقال أحد النساخ يسعرون، وبدون ذكر الأسماء من أراد أن يعرف من يناضل على النساخة أو يناضل ضدها فلينظر إلى الناسخ في مركز عمله وعلاقته بالنساخ الاخرين وستفهم لماذا نردد بعض الاسماء حتى وإن أخطأ أصحابها ولماذا نتحاشى بعض الاسماء بالرغم من بعض مواقفها الايجابية وفي كل خير والسلام.

غير معرف يقول...

للأسف كللنا مررنا بهذه التجربة الرهيبة، كانوا يستحوذون على الأخضر واليابس ولا يتركون لنا سوى المخلفات والشياطه.وإذا تكلمت معهم يقولون لك أنت مازلت جديد لا تفهم شيئا وهؤلاء هم زبائننا أو جيراننا أو أصحابنا أو هؤلاء يسألون عن شيء ما ونحن نحب فعل الخير وتقديم يد المساعدة لهم، وكأننا في مقهى وليس في إدارة النساخ مما جعلنا نتناطح يوميا على قوت اليوم ونتنافس في جلب الزبائن

العربي أبوأيوب يقول...

شكرا أخي ركراكي على صراحتك وإبداعك ستضل في المستوى تفيد باطلاعك وقدرتك على التحليل الاستنباط والمقارنة، لقد أصبح كل شيء مكشوف وإلى متى نحاول حجب الشمس بالغربال، لقد جاء الوقت لنقول جميعا قداما وجدد نساخ وناسخات نريد نغييرا جذريا وبصوت واحد ونساهم في هذا التغيير بدون خجل.

غير معرف يقول...

لا تظلموا النساخ القدامى فحتى النساخ الجدد لهم أفعالهم الشيطانية أذاقوا السابقون ونكلوا بهم شر هزيمة دون إحترام لفارق السن ولا للأقدمية والتجربة والخبرة، من علمهم النساخة أليس الأقدمون ؟ وبعد أن تساوت الأكتاف ضربون على أيدينا ولم يتركوا لنا حتى الفتات .بئس الزملاء إن أكرمت الكريم ملكته وإن أنت أكرمت اللئيم تمرد
رفقا بالرجال الكبار في مرتبة أبائكم وأشقائكم الكبار

الرابطة الوطنية للنساخ القضائيين بالمغرب يقول...

عفوا نتأسف من الإخوان النساخ لعدم نشر بعض تعليقاتهم التي تقدح في المروءة والشرف، ونتأسف على عدم نشر بعض التعليقات التي لا تحمل إسم صاحبها، أو تحمل توقيع غير معرف أو مجهول، وبالتالي تخلق الشحناء بين السادة النساخ .
صحيح أن سياسة الموقع تقتضي الحيادية والوسطية والإعتدال، وترحب بالنقذ البناء والأفكار النيرة المقنعة، والمبنية على أسس صحيحة وإن كانت غير مقبولة من الأغلبية، إلا أنه لا بد من أن تكون موقعة من طرف صاحبها فلان الفلاني حتى لا يتحمل الموقع المسؤولية وتعود اللومة عليه لوحده.
فرجاء عرفوا بأنفسكم ومرحبا بكم فهذا الموقع مهما كان هو موقعكم ومنكم وإليكم وجزاكم الله عنا ألف خير.

عبداللطيف المسعودي يقول...

البيزوطاج انا لازلت فيه الى يومنا هذا
المسؤول الاول والاخير عن البيزوطاج هم الهيئة التي وضعت هذا القانون الغاشم الظالم الذي يطال الناسخ ثم النساخ انفسهم الذي رضوا به وهم نفس الاشخاص الذين يحاربون الادماج الان
لا ادري لماذا البلادة تصل بنا إلى ان نكرس الظلم على انفسنا ونخاف من التغيير والاصلاح