إبان إعطائه إشارة انطلاق الوقفة الاحتجاجية التي خاضها النساخ القضائيين أمام مقر وزارة العدل يومه 31/01/2011 تناولالسيد رئيس الرابطة الوطنية للنساخ القضائيين بالمغرب الكلمة بتلقائية نابعة من مواطنة صادقة واطلاع واسع وتجربة كافية، فتحدث على القوانين المكبلة، وعلى الخطوات المتواصلة التي يخطوها المغرب إلى الوراء في مجال التشريع (اضغط هـنــا للاطلاع على الفيديو1). وقد وصلني أيضا أن الطلبة الذين كانوا مقبلين على مباراة مهنة النساخة تاهوا بين نصوص مهنتي النساخة والعدالة على الرغم من قلة النصوص المنظمة لكل من المهنتين مقارنة مع القوانين المدنية والجنائية أو غيرهما.
إن السبب الرئيسي الذي جعل السيد الرئيس يتكلم دون أن يأخذ نفسه هو السبب نفسه الذي جعل الطلبة يتيهون ويبدلون مجهودا مضاعفا إبان الاستعداد للمباراة، وربما كثير منهم فاقد الثقة فيما كتبه حتى بعد خروجه من قاعة الامتحانات.
إنه ببساطة عبث المشرع المغربي هو السبب وراء كل ذلك، أو بالأحرى كما قال أحد المدونين في وصفه لقانون الشغل المغربي "نصوص مبعثرة متلاشية يصعب على الباحث أن يفهم من خلالها نية المشرع، إن كانت له نية أو منطق".
إن ماأخشاه صراحة هو أن تنتشر أكثر عبارة يرددها الانسان العادي إلى المثقف وإلى المتخصص ومفادها "آش من قانون في المغرب" حتى أن أحد البدو استهزأ بي عندما كنت قد التحقت بالجامعة وأخبرته أنني متخصص في القانون.
وفي نظري أن ماقاله السيد الرئيس وماقاله لي البدوي الأمي وماوقع للطلبة وماكتبه المدون كلها معاني تصب في معنى واحد ولاتختلف سوى الأساليب، فمتى سيستيقض المشرع المغربي؟
لقد تنفس فقهاء القانون الصعداء نسبيا حين جاءت مدونة الأسرة وعدلت معها مجموعة من القوانين ذات الصلة كقانون الحالة المدنية الذي كان التضارب فيه فاحشا مع قانون الأحوال الشخصية الملغى، وكأن أحدهما لشعب والآخر لشعب آخر، غير أن الأمر كان له مايبرره نسبيا إذا ماتجاهلنا تاريخ استقلال المغرب وقلنا إن قانون الحالة المدنية حين ذاك قانون دخيل على مجتمعنا من النظام الفرنسي، في حين أن قانون الأحوال الشخصية هو قانون مغربي مصدره الفقه الإسلامي، لكن ماذا عن قانوني العدالة والنساخة؟ هل قانون النساخة وضعته إسبانية؟ في حين أن قانون خطة العدالة وضعته فرنسا؟ كي نقول لامشكلة إذا وجد التعارض والتداخل والتكرار؟
في مقال للدكتور الفاضل السيد أحمد خرطة (للاطلاع على المقال اضغط هـنــا) تحت عنوان "رسمية الوثيقة العدلية من خلال تاريخ تلقيها" خلص في الخاتمة إلى أن الوثيقة العدلية يجب أن تكتسب رسميتها من تاريخ تلقيها، وأعطى مبررات منطقية وعقلية علمية دامغة. وأقول لكل باحث أو متتبع مارأيك لو نقص المنهجية التي طرح الأستاذ تلك المبررات لنتحدث عن مهنة النساخة وعن تواقيع السادة العدول على النسخة؟ ثم عن توقيع السيد القاضي المكلف بالتوثيق؟ سنخلص حتما إلى أن المشرع المغربي في أوج مسخرة له. قد يقول قائل إن القانون الوضعي عمل بشري، وبالتالي لن يسلم من الخلل والنقص، أقول صحيح طبعا، لكن الذي ليس صحيحا هو أن لايعرف المشرع المغربي ماذا يريد بتشريعه، لأن هناك فرق شاسع بين تشريع نابع من اشكالات المواطن وتطور مجتمعه وينشد مستقبلا أفضل له، وبين تشريع فقط من أجل أن يقال لدينا تشريع. هناك فرق كبير بين تشريع هادف وتشريع غير هادف، هناك فرق بين تشريع لحل الإشكالات وتبسيط المساطر وتشريع لزيادة الاشكالات وتعقيد المساطر حتى يصير هو بدوره إشكالية حتى في دراسته.
العربي أبوأيوب ناسخ بمركز تنغير
GSM: 0671.794.658
E-mail: elarbis4@hotmail.com