في سابقة من نوعها يخوض النساخ القضائيون العاملون بأقسام قضاء الأسرة بالمحاكم المغربية سلسة من الاحتجاجات بعد انتظار طويل لوعود وزارة العدل، تبين أنها وهمٌ زائف واستهلاك للوقت لاغير فكانت هذه ردة فعل أكثر من طبيعية نفذت أحد حلقاتها يومي الثلاثاء والأربعاء 9 و10 من شهر يناير 2018 حيث خاض النساخ إضرابا عاما كان قد أعلِن عنه مسبقا بواسطة بلاغ صادر بمدينة فاس بتاريخ 23/12/2017.
هذا البلاغ تضمن سلسلة احتجاجات تتكون من خمس حلقات جملة واحدة، انطلقت بإضراب يومي 27 و28 دجنبر من سنة 2017، ومن المنتظر أن تتوج بوقفة أمام وزارة العدل يوم 21 فبراير 2018، مرورا بإضراب يومي 24,25 يناير 2018 ويومي 06 و07 فبراير 2018 وأيام 20 و21 و22 فبراير 2018 وهو الأمر الذي يبين أن السيل وصل الزبى وأن السياسة التي نهجتها ومازالت تنهجها وزارة العدل مع هذه الفئة هي سياسة احتقار واستصغار عاشوا قصتها كبار السن القدامى منذ ماقبل التحاق أول فوج سنة 2004، واستمرت المعاناة مدة طويلة بعد التحاق فوج 2004 ثم كذلك بعد التحاق فوج 2011. وتأكد بالملموس والأدلة القطعية أن النساخ دُفِعوا للاحتجاج مكرهين من قبل وزارة العدل التي راوغتهم بالكذب والوعود الزائفة والتصريحات المتناقضة بين مسؤوليها كان آخرها تصريحات وزير العدل وماخالفها من تصريحات لمدير الشؤون المدنية.
هذا الوضع السيء تفاقم أكثر خلال ولاية مصطفى الرميد الوزير السابق، ومازال الحال على ماعليه بنفس النهج ونفس الخطة في وقت يتساقط فيه النساخ أمام أعين زملائهم بالموت البطيء المهين كالأشجار الذابلة، إذ يظل الناسخ يعمل في ظروف غير صحية وأحيانا غير إنسانية إلى آخر يوم تقبض فيه روحه بلا أدنى حقوق اجتماعيى أو صحية أو غيرها.
وقد تأكد لدى النساخ أنهم لامفر لهم من الانتفاضة ضد مخطط أصبح واضحا جدا ويتلخص في كون وزارة العدل بكل مكوناتها تمارس سياسة إرضاء اللوبيات الضاغطة من عدول وغيرهم وتحسسهم كذبا بأنها تستجيب لبعض مطالبهم، في حين هي لاتفعل شيء سوى كونها تضرب الضعيف بالقوي وتتفرج عليهما معا، في إطار سياسة تجمد كل التصورات العليا لملك البلاد وشعبه الهادفة إلى إنزال إصلاح حقيقي وشامل من شأنه أن يخدم البلاد والعباد.
وهذا الكلام تؤكده كل المناشير التي أرسلت إلى السادة قضاة التوثيق في شأن التوثيق العدلي بحيث يستشف منها جميعها وبدون استثناء أن الوزارة وبعد أن يمارس عليها لوبي العدول ضغطه بطرق معلومة وأخرى غير معلومة تصدر منشورا لتحسيسهم بكونها تحرص على مصالحهم ومصلحة هيئتهم، وهي تعلم علم اليقين أن هذه المناشير في أغلبها غير قابلة للتطبيق البثة لامن الناحية القانونية ولا من الناحية الواقعية والأمثلة على ذلك كثير ومنها المنشور المتعلق بوضع دمغة هيئة العدول على النسخة التي يستخرجها الناسخ، والحال أن العدل ليس له في النسخة قانونا إلا التوقيع بعد تأكده من مطابقتها لأصلها، ولايحق له أن يضيف فيها شيئا غير توقيعه، وكذلك المنشور المتعلق بالأرشفة الإلكترونية الذي نص صراحة على أنه سيبدأ العمل بالأرشفة الإلكترونية انطلاقا من 1/1/2017 وهانحن تجاوزنا ذلك بسنة كاملة ولاشيء علما أن النساخ اقترحوا ذلك من خلال مطالبهم منذ سنة 2011 وكانوا ينتظرون رد فعل إيجابي لما في ذلك من مصلحة للمرتفقين وتطوير لعمل الإدارة القضائية قبل كل شيء.
غير أن الوزارة تعتبر هؤلاء النساخ وكأنهم ليسوا جزءا من المنظومة القضائية ولاأدل على ذلك الوضع المزري الذي عاشه النساخ في عدة محاكم دشنها وزراء العدل ولم يجد النساخ فيها مقعدا يأويهم لأداء عملهم، وزج بهم أخيرا في أماكن تنعدم فيها التهوية والانارة الكافية من أقبية وغيرها، وفي كثير من الأحيان يزج بهم هم والارشيف الذي يحمل من الكائنات المجهرية مالايتصور على بال لقدم الأرشيف من جهة ولعدم حفظه بأدنى الطرق العلمية المتعارف عليها لحفظ الارشيف الورقي من جهة أخرى.
والغريب في الأمر أن وزراء العدل يتحاشون مهنة النساخ ويتحاشون اللقاء بهم إذ التقى رسميا وزير العدل الحالي الحقوقي سابقا بجميع ممثلي المهن القضائية والقانونية الحرة وغير الحرة إلا ممثلي النساخ، وأعتقد أنه لمن العيب أن أصبح لقاء الوزير عندهم مطلبا يناضلون من أجله في دولة مغرب 2018 دون جدوى.
فإلى متى سيستمر هذا الظلم البين والذي عمر طويلا وأصبح وصمة عار في جبين الوزارة الوصية على العدل؟؟؟
في انتظار أن تشرق شمس يُرَى بواسطتها بصيص أمل يجيب على هذا السؤال فالنساخ مصممون على مواصلة الاحتجاج مطالبين بحقهم في إطار مايكفل لهم الدستور والقانون بقيادة نقابتهم العتيدة المنضوية في إطار الاتحاد المغربي للشغل.
توقيع العربي أبوأيوب الناسخ بقسم قضاء الأسرة بالجديدة
المشرف الإعلامي على الموقع الرسمي للنقابة الوطنية للنساخ
عضو المكتب الجهوي لنقابة النساخ بجهة الدار البيضاء سطات