أمور غريبة تشهدها بعض مكاتب السادة النساخ التابعين لأقسام التوثيق بمحاكم قضاء الأسرة بالمغرب .. أمور وجدناها سارية المفعول وأمور حديثة العهد أو مستحدثة فرضتها الأوضاع الراهنة جديدة ومستجدة ..
عندما نص القانون المنظم للنساخة على أن الناسخ يقوم بالتضمين والبحث وإستخراج النسخ كان لزاما أن يٌأمن له الجو الملائم للقيام بعمله في منأى عن المشوشرات والمناوشات التي تحد من مردودية الناسخ وتفقده القدرة على العطاء .. لكن العكس هو الملاحظ . فتخيل معي كيف يمكن للناسخ العمل في جو تسوده المشاحنات وكثرة القيل والقال والتراشق بالكلام المستفز فيما بين
العدول والنساخ وتكرار الأمر يوميا بخصوص الإستعجال في تضمين الرسوم العدلية أو المماطلة في أداء الأجرة المستحقة أو الإختلاف في أمر الصفحتين (غير الأولى) وحشر الأنف في النسخة .. وفرض الدمغة.. وفرض كناش التداول.. والمزاجية في توقيع السجلات المضمنة.
العدول والنساخ وتكرار الأمر يوميا بخصوص الإستعجال في تضمين الرسوم العدلية أو المماطلة في أداء الأجرة المستحقة أو الإختلاف في أمر الصفحتين (غير الأولى) وحشر الأنف في النسخة .. وفرض الدمغة.. وفرض كناش التداول.. والمزاجية في توقيع السجلات المضمنة.
وتخيل معي كيف يمكن للناسخ العمل في الجو الملائم وبعض السادة لا يحلو لهم التعليق على المباريات الرياضية إلا داخل إدارتهم العمومية ولا يحلو لهم تناول الوجبات الخفيفة إلا على أسطح المكاتب الإدارية ولا يحلو لهم التنكيت إلا داخل أروقة وحرمة المرفق العام الذي يجدوه ملاذا وحقلا خصبا لشبه المناظرات العلمية والفقهية والسياسية يستظهرون فيها عضلاتهم المعرفية على السادة النساخ الذين هم في غنى عنهم .. بل ويصل الأمر ببعضهم إلى الجلوس وقراءة ومطالعة الجرائد والصحف اليومية في مكتب النساخ.
وتخيل معي كيف يمكن للناسخ العمل الجاد والتركيز الشديد وسط كثرة الداخل والخارج والغادي والرائح من المتقاضين والمحامين وكتابهم ..والعدول وكتابهم ..وبعض منتحلي الصفة ..
كيف يمكن للناسخ العمل وبين الحين والآخر يفاجئ بدخول بعض المتسولين أو بدخول بعض الباعة المتجولون وهم يعرضون سلعهم المتنوعة للبيع من الكتب والأقلام إلى الصابون والشمبوان .أو يفاجئ بدخول بعض النوادل بصينيتهم المحملة بالمشروبات الباردة والساخنة
علاوة على بعض المواعيد التي يضربها البعض على أساس اللقاء داخل مكاتب النساخ لقضاء مختلف حوائجهم .. والتبادل اللامتناهي للأرقام الهاتفية .. ناهيك عن الشنآن الذي يحصل يوميا بين السادة النساخ وبعض المواطنين ذوي الإيديولوجيات المتحجرة .
ألا يذكركم الأمر بأيام الجاهلية وبسوق عكاظ بين مكة و الطائف (70 سنة قبل الهجرة وإستمر حتى 149 هـ) الذي كان يحج إليه العرب من كل فج عميق ويستمر لعشرين يوما من كل شهر شوال حيث كان محفلا تجاريا وإقتصاديا وعلميا وسياسيا وثقافيا وفنيا وإجتماعيا بكل ما في الكلمة من معنى . وفيه كان يتعاكظ ويتفاخر فطاحلة الكلام ويفحمون بعضهم البعض في منتديات ومعلقات شعرية.
الناسخ رضوان الركراك
هناك تعليقان (2):
ربما اتفق معك سيدي الناسخ مع فارق بسيط هو انني أرى أن سوق عكاظ كان الجميع يعرف انه سوق للبيع والشراء ولتلقي القوافل ومبارات الشعر وايام العرب فهو اسم على مسمى
بينما مكاتبنا التي يطلق عليها اسم مكاتب بينما هي باب ظاهره فيه الرحمة وباطنه من قبله العذاب
ونحن نعرف ان المشكل الرئيسي عندنا ننحن المغاربة ليس اقتصادي او سياسي او مناخي
المشكل الرئيسي عندنا مشكل اخلاقي لاننا لم نتلقى علوم التربية منذ الطفولة تربينا على حشومة والقمع وما ان نجد مكانا نفرغ فيه كبتنا حتى نطلق العنان للطفولة المحرومة كي تتكلم وبالاحرى كي تصهل
هذا هو ما يمارسه البعض في مكاتب النساخ لا من العدول ولا من النساخ انفسهم
ناهيك عن تلك النضرة الاحنقارية التي ينظر الينا بها السادة العدول جزاهم الله خيرا في مكاتبنا ولقد رأينا بأم اعيننا العجب من سوء الاخلاق الناتج عن نقص التربية والحرمان من الحنان في الطفولة هذا هو المبرر الوحيد
نضريتي الخاصة التي استنتجتها هي ان الانسان ذو الميول الغريزية المنحرفة ينتظر الفرصة المواتية كي ينقض على الانسان الاخر الذي يرى انه اضعف منه ويفرغ فيه شحنة كراهيته وحقده وحرمانه
مثل مملكة الغابة
لهذا سيدي ركراك انت ترى مكاتب النساخ سوق عكاظ بينما انا اراها غابة الحويانات
من المومنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر
هناط ملاحظة بسيطة
في هذه الغابة الناسخ هو الأرنب
إرسال تعليق