إن النصوص القانونية ومعها القرارات والإرساليات والمناشير الوزارية غارقة في "كل مامن شأنه" سواء منها تلك المتعلقة بخطة العدالة كمهنة حرة ومستقلة، أو تلك المتعلقة بمهنة النساخة كمهنة معلقة لم يعرف بعد موقعها، ناهيك عن النصوص التي جاءت بين بين في إطار "شبيك لبيك" فيما يشبه "المينوط" الذي يُحكِمُ يد العدل بالناسخ والناسخ بالعدل لأنهما معا متهمان بمحاولة النهوض والهروب من التخلف إلى مسايرة التقدم، فحري بهما أن يعرقل بعضهما البعض، وحتى إذا فكرا واتفقا يوما أن يهربا وهما مكبلين فإن نصوص "مامن شأنه" الكثيرة العالقة كالأشجار ستوقع بهما حتما وتوقفهما وقد تكون سببا في صدمة قوية بينهما، فتصرف الطاقة التي استجمعها كل طرف في وجه الطرف الآخر، وحينها يضحك المسؤولون في وزارة العدل وهم يراقبون من برجهم العاجي مايحدث. لقد كانوا أذكياء عندما عملوا على وضع هذا القيد بين العدل والناسخ، لكنهم كانوا أذكا عندما عملوا من أجل الإكثار من "كل مامن شأنه" حتى أضحت المناشير والمراسلات التي يجب أن تكون واضحة وموضحة تأتي غارقة في العموميات أو موضحة بما يخالف كل منطق وهو مايؤكد أن الأمر مقصود وأن الإصلاحات المزعومة المتعلقة بالتوثيق العدلي كانت مقصودة لذاتها وليست لما ستأتي به.
ذلك أن المذكرة الوزارية التي تعيد سرد النص القانوني على السادة القضاة وجودها كعدمها ولربما عدمها خير من وجودها، لأن القاضي مفروض فيه أنه يطبق القانون ويفسره وهو يملك بحكم تكوينه آليات ذلك. لكن بحكم كونه بشر فقد يصيب وقد يخطئ وقد تكون هناك مجموعة من الاجتهادات التي لها نسبة كبيرة من الصحة غير أنها مختلفة وهنا تظهر أهمية المذكرة أو المنشور لتذكير السادة القضاة بالاجتهاد الأرجح كي يستأنسوا به في عملهم ويستنيروا به للحق وعادة مايكون خيار واحد واضح وموضح، وليس تعبيرا فضفاضا من قبيل "كل مامن شأنه".
ومن ذلك عبارة "الصفحة غير الأولى" وعدة عباراة أخرى أتمنى من السادة العدول أن يتناولوها بالتحليل العلمي الموضوعي يوم السبت المقبل وهم يناقشون القانون رقم 16.00 دون أي تعصب أو أنانية زد على ذلك عبارة "المصلحة التوثيقية" وغيره. وإذا ظهر المعنى فلا داعي للإطناب.
العربي أبوأيوب
ناسخ قضائي بمدينة الجديدة