كما هو معلوم فإن نسخة عقد
الزواج لحد الساعة تسحب من مكاتب النساخ القضائيين في المحكمة التي انعقد في
دائرتها ذلك العقد، لكن الذي يحرج المواطن ليس فقط تلك المسطرة التي تكرس مبدأ "المواطن
في خدمة المهنيين" ولكن أيضا مبدأ آخر وهو "لخدمتنا لابد أن تأتي
إلينا ولو حبوا"
ووعيا من المغرب بخطورة الأمر
فقد أقدم على تدشين شباكا الكترونيا على الشبكة العنكبوتية جُعل رهن إشارة طالبي
الوثائق الإدارية وهو: www.watiqa.ma
وعليه فإن المواطن المغربي سيكون
بإمكانه من خلال هذا الشباك أن يسحب وثيقته الإدارية وهو في منطقة بعيدة جدا عن
المكان الذي سجلت فيه أول مرة.
إنها نقطة البداية الفعلية
للإدارة الإلكترونية التي كثيرا ماتبجح بها المسؤولون وهدرت بسببها أموالا طائلة
دون نتيجة، بل إنها إعلان عن الرغبة في السير نحو تحقيق إدارة لخدمة المواطن فماهي
حدود وآفاق هذه التجربة؟ وماموقع الوثيقة العدلية من ذلك؟ وماهي معيقاتها
الحقيقية؟
هذه فقط عناوين لعدة أسئلة أخرى
يمكنهم أن تستشفوا بعض إجابتها من خلال الإشارات المختصرة لهذا الموضوع البسيط.
لكن قبل أن نتكلم عن حدود
ومحدودية هذه التجربة لابأس أن نعرج عن الحالة المزرية لشكل الوثيقة العدلية وهي
تسحب من أقسام قضاء الأسرة.
حتى لاأغرق في التذكير بالنصوص
القانونية والنصوص المتضادة مع بعضها البعض، سأبقى في وصف الحالة الواقعية ثم أحيل
على التجربة الالكترونية للمغرب ولكل ذي عقل أن يحكم:
النسخ التي يستخرجها النساخ
القضائيون بأقسام قضاء الأسرة تستدعي بحثا في أرشيف متآكل مرمي في أردئ مكان يبقى
فارغا بالقسم، هذا إذا وجد هناك فراغ وإلا كدس في أي زاوية ممكنة فقط حتى لايسجل
على أحد أنه رمى هذا الأرشيف خارج أسوار المحكمة.
والأمَرُّ هو أن يُخبِر الناسخ
القضائي المواطنَ بأن العقد الذي يبحث عنه مفقودا، إنها أبشع إهانة لحقوق
المواطنين تليه في الدرجة خبر عدم القابلية للاستخراج بسبب عيب في الحفظ لايد
للمواطن في ذلك لامن قريب ولا من بعيد. ثم في الدرجة الثالثة تأتي مسطرة الاستخراج
الفريدة في نوعها وشكلها والتي تتكون من مراحل قانونية قد تتخللها مراحل أخرى
مفبركة من هذا الطرف أو ذاك، وتتمثل المراحل القانونية في:
- إحضار الطلب من طرف طالب النسخة.
- تأشيرة أو أمر القاضي المكلف بالتوثيق.
- عملية النسخ من طرف الناسخ القضائي.
- توقيع عدلين بعد تأكدهما من مطابقتها لأصلها.
- توقيع الناسخ الذي حرر النسخة.
- توقيع القاضي المكلف بالتوثيق
وقد يقول قائل لابد من طلب
الطالب، ولابأس من إذن القاضي، ومهم عملية النسخ، وإجباري توقيع من نسخ، ويجوز أن
يبقى توقيع القاضي المكلف بالتوثيق لكن من الأفضل أن يكون تدخل القاضي المكلف
بالتوثيق مرة واحدة والأفضل أن تكون في نهاية العملية دون بدايتها. لكن الذي يثير
استغراب الجميع هو توقيع العدلين على النسخة، ومايثير الاستغراب أكثر هو أن قلة من
العدول فقط هم الذين يتشبثون بذلك المقتضى، ويتكلفون في التعليل من أجل الضغط
ماأمكن للإبقاء عليه أطول فترة ممكنة، فمن هم هؤلاء بالضبط وماهي بعض مبرراتهم؟
+ موقف جل العدول:
يرى جل العدول أن النسخة تشكل
خطرا عليهم، ومسؤولية تحط من كرامة العدل، وتنزله من صانع للوثيقة إلى مقتف
لأثرها، وبعد إسناد هذه المهمة للنساخ القضائيين أصبح العدلان الموقعان في خطر
محدق أكثر يثمثل في كون العدل يتحمل مع الناسخ مسؤولية أخطائه وزلاته سواء أكانت هذه
الأخطاء مقصودة أم عفوية.
وحتى إذا سلمنا بأن العدل أهل
لهذا التكليف والمسؤولية فإن العدالة باعتبارها مهنة حرة يجب أن يساير حجم التكليف
حجم الفائدة (الأجر) وهذا مالا يمكن أن يتأتى مع وجود ثلاثة أطراف وبالتالي فالحل
العقلاني والأجدر بالتطبيق هو أن يعفى العدلين من التوقيع على النسخة.
+ موقف ممثلي الهيئة:
تعتبر النسخ التي يستخرجها
النساخ القضائيين المضخة المالية الأساسية التي تضمن لمن يتهافت على مناصب في
الهيئة الوطنية للعدول موارد مالية إضافية تميزه عن زملائه العدول، وإن من السادة
العدول أناس يحرصون كل الحرص على الظفر بصفة في الهيئة لالشيء سوى من أجل الأجر
الشهري المكفول من طرف الآخرين.
والغريب أن هذا الأجر فيه ظلم
لطرفين:
الطرف الأول إخوانه العدول الذين
يحملهم مسؤولية مطابقة النسخة لأصلها وهو الشيء الذي عرض كثيرا منهم لمتابعات
قضائية بسبب الهفوات. وفي مقابل هذه المسؤولية التي يتحملها عدل في منطقة جبلية
نائية هو ضمان مائة 100 درهم لعدل بالرباط ليوهم الأخيرُ الأولَ بالدفاع عنه، هذا
الدفاع ماهو سوى الإصرار على الإبقاء على توقيعات العدلين على النسخة رغم أنف
الجميع، سبحان الله حلقة مفرغة ستكشف الأيام عنها بوضوح لمن لم يستوعبها بعد وهذه
خطاطة مبسطة توضح ذلك:
هذه خطاطة توضح خلاصة مايسمى
النضال عند أولائك الذين ألفوا أجرة ثابتة تضخ في نهاية كل شهر في حسابهم البنكي،
ويظهر سوء النية حين يتحدث هؤلاء عن مبررات الإبقاء على توقيع العدلين.
مبررات أولائك القلة المتشبثين
بالنسخة من العدول:
- الرسم المنسوخ ملكية
خالصة للعدل:
لقد تحدث بهذا عدل يحسب على
مناضلي هيئة السادة العدول أكثر من مرة وبالحرف يذكر أن النسخة تؤخذ من رسم يدخل
في ملكية العدل وأضاف بل إن الرسم بمثابة الإبن بالنسبة للعدل، ثم تسائل أمام مرأى
ومسمع ثلة من المنبهرين قائلا فهل يمكن للأب أن يفرط في ولده؟
التعليق فيما بعد
- التوقيع على النسخة هو
أحد مكتسبات العدول:
وفي نفس الاتجاه ذهب آخر لكن
بتعليل آخر أكثر غرابة، ومفاده أن توقيعات العدول على النسخة مكتسب وإذا كان
النساخ يرغبون في أخذ هذا الحق فيجب أن يكون هناك مقابلا لذلك للعدول. قلت مثل
ماذا؟ فأجاب أن يعود التضمين من اختصاص العدول.
التعلبق فيما بعد
- العدول يشهدون على
مطابقة النسخة لأصلها:
وفي جوانب أخرى كتابية أنهك
أصحابها تفكيرهم من أجل إيجاد مخرج وتعليل عقلاني لواقع غير عقلاني، يذهب هؤلاء
إلى أن العدلان يقومان بالإشهاد على مطابقة النسخة لأصلها.
التعليق فيما بعد
وحتى لاأطيل سأترك لكم حرية
التعليق والمشاركة وإبداء الرأي بخصوص هذه المواقف الثلاثة سواء بالتأكيد أو
بالنفي ومرحبا بالجميع.
ولمزيد من المعلومات بخصوص أول
نسخة ستسحب عبر الشباك الإلكتروني أنظر موقع هسبريس من خلال الرابط التالي:
العربي أبوأيوب
ناسخ قضائي بالجديدة