الاثنين، 16 مايو 2011

إصلاح القضاء من خلال القناة الأولى

يُعتَبَر مبدأ "حرية التعبير" أحد المبادئ التي يكفلها الدستور المغربي صراحة، لذلك نجد إعلامنا الرسمي الذي يتغذى ويحيى من جيوب المواطنين حريص على تفعيل ذلك المقتضى، وذلك من خلال حرصه على تنوير الرأي العام عن طريق إدراجه للرأي والرأي الآخر، فضلا عن إشراك الجميع من أجل كشف المستور...الخ.
ومن بين المواقف الشفافة والشجاعة التي تسجل للقناة الأولى المغربية، برنامج قضايا وأراء الذي أديع ليلة يوم 26/04/2011، كان موضوعه إصلاح القضاء، ختمه أحد الحاضرين بالقَسم على أنه لو علم أن الأمر كان سيكون على هذا النحو ماحضر.
حضر هذا البرنامج السيد عزيز المردي رئيس الرابطة الوطنية للنساخ القضائيين، ونظرا لعكس الأسباب المذكورة أعلاه أبى إلا أن يسجل بعض النقط النابعة من وطنيته وأمله في أن يوضع يوما الأصبع على الداء كي يرى يوما مؤسسة القضاء تصلح بالفعل لا بالقول، وهذا نصه:
\\بسم الله الرحمن الرحيم
تعليق على حلقة إصلاح القضاء في برنامج قضايا وآراء
القناة الأولى بتاريخ 26/04/2011
   بداية أود أن أسجل مجموعة ملاحظات على حلقة البرنامج كمهتم ومتابع، وأحد  المتشرفين بالحضور مباشرة  كملاحظ:
1) أثمن الجرأة في التطرق لملف إصلاح القضاء مباشرة على القناة الأولى والحضور المميز والفعلي للسيد وزير العدل.
2) أسجل أن الجرأة المشار إليها أعلاه تجسدت أكثر في روبورتاج المعهد العالي للقضاء، وتصريحات عامة المواطنين أكثر منه في الجو العام للحلقة.
3) اختزال موضوع الحلقة "إصلاح القضاء" في الحديث عن المجلس الأعلى للحسابات ثم الأعلى للقضاء ومشاكلهم الهيكلية، وخلية بلعرج والعفو الملكي.
4) غلبة حساسية أجندة متصارعة أو ثنائية محامي / قاضي . ودادية/جمعية .مع حضور باهث للتنشيط الصحفي (عدم دعوة صحفيين غير المسير لمساءلة السيد وزير العدل).
5) غياب تام في الحلقة لفاعلين مباشرين في مؤسسات القضاء (حضور ثنائية قاض /محام فقط)، وتغييب في الموضوع والنقاش لأولئك المتعاملين والمحتكين مباشرة مع المواطنين من منتدبين وكتاب ضبط وجميع ألوان وأطياف المهن المساعدة للقضاء ..... رغم أن  الشعار المرفوع القضاء في خدمة المواطن .
6)  وعليه فالنقاش كان نخبويا متعاليا عن الواقع واستحقاقاته، هلاميا إلى حد ما مما جنب السيد وزير العدل الأسئلة المحرجة أو الأكثر إحراجا طيلة الحلقة.

بعد هذه الملاحظات الشكلية أود في الآتي الحديث عن نقط لم تثر في النقاش أو أثيرت بشكل محتشم:
أ- الحديث عن القضاة : أثناء الحلقة أشير إلى القضاة من زاوية اللمز بالرشوة والمحسوبية والابتزاز مع الاتقاء بمظلة "هناك نزهاء وشرفاء و... و..."
     لكن الأهم قبل هذا وذاك ماهي مخططات الحكومة عموما ووزارة العدل خصوصا تربية وتأهيلا وتكوينا للقاضي  لتمكينه من الروح المهنية والوطنية والنزاهة ونظافة ذات اليد ؟؟؟
وماهي المرجعية الفكرية لذلك التأطير والتربية والتكوين؟؟؟
ماهي الإمكانات المادية والمالية والبشرية المرصودة للقاضي  لاستحقاق وسام شرف النزاهة والمهنية؟؟ وما الضمانات القانونية لإستقلالية قراراته وأحكامه؟؟؟
   ألا يستدعي الواقع المزيد من التدقيق في مهام القضاة وجعلها أكثر تخصصا ؟؟؟
هل الموارد البشرية المرصودة بكل ابتدائية أو مركز تفي بتسريع وثيرة الإنجاز، ومحاربة الروتين والدراسة الموضوعية والمتأنية لكل ملف وقضية ؟؟؟
    إني أرى قضاة منهكين ومنهمكين على  ركام من الملفات المتنوعة، وأمامهم المئات من الرسوم والعقود للتأشير ثم الخطاب وما بعدهما وما قبلهما أعمال مضنية، علما أن مجال التوثيق ذو خاصية مهمة وهي حيويته وديناميكيته، ثم إن بعضهم لا يجد وقتا لتحرير الأحكام  بخط اليد أو حتى بالحاسوب  وقائع وتعليلات  وحكما إلا بجهد جهيد.
ب- الموظفون: إن الموظف أكثر احتكاكا بالمواطنين حتى من القاضي نفسه، فهو الذي يشهد مخاض الملف، ويتعهده شهورا وسنوات حتى يحال إلى الحفظ.
    فما حظ هذا المسكين من إصلاح القضاء ماليا وتأهيلا وتكوينا وتربية وغطاء قانونيا؟
 ثم إن أجرة الغالبية لا تلبي الحاجات الملحة لأسرة صغيرة في مدينة صغير، في مسافة بعيدة عن ضوضاء المدن المتوسطة والكبيرة، خصوصا مع ازياد تكلفة المعيشة وتعقد مسالك الحياة.
 وماهي المرجعية الفكرية القيمية لتأهيل تلك الكوادر إلى مصاف النزاهة والمهنية؟
ج- المهن المساعدة للقضاء:  تتميز بتخفيف الأتعاب عن كاهل الإدارة مع إعفاء كاهل الدولة من المناصب المالية بل تستفيد الخزينة العامة عن طريق الضرائب المفروضة على العاملين بها. كما يراهن عليها لتسريع الإنجاز و تخفيف الروتين والتباطؤ الذي أصبح سمة العمل الإداري العمومي.
   لكن في غياب استراتيجية واضحة للتعاطي معها يتم إغراقها بالمنتسبين إليها، فهي المحضن المفضل لخلق فرص الشغل، فبدأت تدب  في بعضها البطالة المقنعة وقد زاد من حدتها الطبيعة التنافسية للمهن الحرة، وتباين الإمكانات وآليات الاشتغال.
    كما أن إنشاء ثنائيات في بعض تلك المهن متنازعة في أكثر من مساحة من الاختصاص أو متزاحمة فيها، أدى إلى خلق جو من التوثر والتنازع:
 المفوض القضائي / مأمور التنفيذ.               العدل /الموثق                 العدل / الناسخ ،
و موازاة مع ذلك  يزحف التوثيق العرفي رغم سلبياته الجمة .
    هذا كله مؤشر على غياب رؤية موحدة ومنسجمة للأمور، وتباين المرجعيات الفكرية والقانونية، وكذا الإرتهان للمعالجات الجزئية الخاطئة عبر الصيرورة التاريخية للمهن، دون المقاربات الشمولية المؤسسة على استراتيجية واضحة.
      وإلى حد هذه السطور لم تلح في الأفق أي إرادة تغييرية وإصلاحية للفضاء القضائي برمته وفق أدوار تكاملية لجميع المكونات مع إمكانية دمج بعضها أوتوسيع وتقوية دور بعضها الآخر.
   وهنا نؤكد أن انتعاش البعض في جو الفوضى الخلاقة السابق توضيحها، يجعل إصلاح القضاء منالا صعبا. وصدق الرسول الكريم حين قال: "حفت النار بالشهوات" فشهوات البعض ونزواته أكبتنا في نار الفوضى والبلوى والإرباك، والتعقيد والروتين، وعدم الإستقلالية، والرشوة والزبونية والقائمة تطول.
تلك ملاحظات جد مختزلة أتمنى أن يعمق حولها النقاش  وتجد الأجوبة الشافية لدى من بيده القرار وآليات تنفيذه .
عزيز المردي
رئيس الرابطة الوطنية للنساخ القضائيين بالمغرب
والتعليق أعلاه للعربي أبوأيوب

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

حسبنا الله ونعم الوكيل,لا نملك الا هذا فالسنتنا لم تنطق بعد من هول الصدمة والزلزال الذي نزل فوق رؤوسنا من حيث ندري.صاعقة او تسونامي وزارة العدل سميه ما شأت تعددت الاسماء والقرار واحد,غدا قد نكون استفقنا من هول الصدمة لنقرر ماسنفعل المهم كونوا متاكدين لن نسكت,نكون او لا نكون تلكم اذا هي البداية انظنوا انهم بقرارهم هذا يحبطون عزيمتنا اقول لهم انتم واهون الان ابتدات المعركةصدقوني من لم يكن يحضر من النساخ قبل في الوقفات الان سيحضر وكما يقول المثل’ رب ضارة نافعة’